٧- العالم المنسي

العالم المنسي

(مارية)

-  مهلًا.. أين أنا؟ ولمَ الجو مُظلم هكذا.. وما هذا البلَل كله؟..

      أدرتُ وجهي في كل اتجاه فلم أبصر شيئًا غير عامود إنارةٍ يرتعش نوره، ثم أدركتُ بعدها بأن هذا البلل نتيجة الجو الممطر، الأمر الذي لم أفهمه هو أين أنا؟ وماذا أفعل في هذا المكان. ثم وجدتُ في يديّ رسالةً مغلقة، فحاولتُ فَضَّ حجابها، ومن ثَمَّ قرأت على ضوء المصباح الهزيل..

 

“يؤلمنا إشعاركم بأن الأستاذ سليمان الجنزاري وحرمه الكريم قد تعرَّضا لحادثٍ أليم، وعلى بقيّة آل البيت الإتيان للمشفى الخاص للتعرّف على الجثث..“

 

-      كلَّا! هذا غيرُ معقول، هذا حُلم يشبه حلم البارحة، أنا أدور في نفس الدائرة كل يوم! أنا أدور كالبهائم في السواقي كل ليلة، أنا أموتُ وأموت في كل حلم! لمَ دومًا أعود لنفس النقطة؟ لم لا أستطيع النسيان، لم لا أستطيع أن أمضي في حياتي تاركةً تلك الذكرى السوداء خلفي، أيقولون بأن النسيان هو مُضمِّد الجراح؟ لم لا يعمل معي! في كل مكان أطاردُ بهذه الذكرى! يا إلهي ألهذه الدرجة أنا سيئة؟ إن كنتُ كذلك أنزل عليّ عقابًا رادعًا ينهيني وحسب.. لكن لا تتركني لخناجر الدنيا المسمومة.. أتسمعني؟.. أتسمع صراخي! أتسمع أنين قلبي؟ فقدتُ كل شيء في لحظة، ولا تزال تلك اللحظة تتكرر كل يومٍ ولقد سئمت حياتي كلها.. أدركني قبل أن أنهي كل شيءٍ كما انتهى عندي كل شيء.. أدركني يا ربي أدركني!..

 

كنتُ كمن يصرخُ في رمضاءٍ قاحلةٍ من كل شيء، لا تسمعني إلا الأمطارُ المنسابة على رأسي في غزارةٍ تنخرُ الروح، حتى ظهر ذاك الرجل صاحب البشرة البرونزيّة متخفّيًا في معطفه الأسود، وعلى رأسه قبّعة ذات طراز قديم، وقد أمسك وجهي بين راحتيّ يديه ثم أدناه إليه قليلًا حتى سكنَت أنفاسي، كان مُبتسمًا، مُعاكسًا في راحة ابتسامته لهذا الجو الكئيب من حولي، وحينما أدرك أني قد توقّفت عن البكاء قليلًا أطلق سراح وجهي، ثم أمسك بيدي في حنانٍ بالغ، ولم أستطع سماع صوته لشدة هطول المطر، غير أني سمعت كلمة "الراحة".. نعم، كانت تلك الكلمة الوحيدة التي استطعتُ سماعها، ومن ثم ترك يدي وانتصب بظهره واستدار راحلًا.. بعيدًا عني..

 

-      إلى أين تذهب؟ أنا خائفة، لا تتركنى لهواجسي أرجوك!..

______________________
______________
______

❄️

متنسوش تعملوا ڨوت ده هيساعد الرواية جدًا. ☃️🤍

❄️

Comment