33- جمر ورماد (نهضة رايزاد)

كان ياما كان...
لا لم يكن بل لايزال...
هو سلسال الدم مستمر يقطع الأرحام

كان ياما كان...
لا لم يكن بل لايزال...
هو الحقد يغشي العيون ويغير الصدور

كان ياماكان...
لا لم يكن بل لايزال...
شيطان يسلط وساوسه في العقول والقلوب

كان ياما كان ولا يزال...
أسطورة عبر الأزمان
كتبت بالدم عبر السطور
هي ملحمة عبر الأجيال
تجوب الأرض بين الواقع والخيال
هي تعويذة تنشر الظلام
فأمسى الموت هبة الأحلام
هي اغنية الخلود الخادعة
فصار لحن الهلاك ترنيمة قاتله
هي شرارة مست الهشيم
فأضحى كل شيء نار وجحيم
هي قصة بطلها شيطان رجيم
أتى من الجحيم
وعقول سلمت نفسها للحقد
فصارت مسخ زنيم
هو غراب يواري أخيه
هي قصة حقد منذ أبد الآبدين.

هل اشتقتم لروايات الجميلة أمل القادري، أنا اشتقت لها، اشتقت لسحر أفكارها، لعوالمها البديعة التي تأخذنا إليها، لهذا آتيكم اليوم بملحمة جديدة من ملاحمها البديعة، وسلسلة مشوقة هي نهضة رايزاد أو كما يطلق عليها أيضًا نهضة التنين، والسلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء هي:
جمر ورماد
نهضة التنين
مخالب وأزهار
ومثلما ذكرت من قبل فإن أمل القادري لديها طريقة مميزة لتجعل المألوف غير مألوف، فهي لا تلتزم بالمسميات والنمط السائد بل تحولها لشيء جديد وفريد، مما يجذب القُراء دائمًا لرواياتها، حيث الخروج عن الاعتيادي.

والجدير بالذكر أنني أردت الكتابة عن هذه الرواية الجميلة منذ سنة كاملة، ولكني توقفت لشعور داخلي بالانتظار، حيث أن الكاتبة منذ سنة تقريبًا أو أكثر بقليل أعلنت توقفها عن الكتابة، وقررت إنهاء هذه السلسلة في رواية واحدة هي (نهضة رايزاد) وبالفعل -واحترامًا لقُراءها- قامت بإنهاء الرواية رغم ظروفها الخاصة، وهو أمر قلما تجده في الكُتاب، إذ أن الكثيرون منهم يتوقفون عن الكتابة دون ذكر الأمر لقُراءهم أو مراعتهم، وهذا يوحي بكاتبة قديرة، مهتمة، تراعي مشاعر قُراءها. ثم فوجئت منذ فترة بسيطة بعودة الكاتبة مرة أخرى للكتابة وقرارها بإعادة كتابة الرواية وتقسيمها لثلاث روايات، وهو أمر أبهجني وأسعدني جدًا، وحاليًا لم تنهي الكاتبة سوى هذا الجزء، ولكني سعدت بقراءة الرواية كاملة قبل قرارها بإعادة كتابتها وتقسيمها لثلاث أجزاء، وقد كانت رائعة، لذا فإني أتساءل كيف ستكون بعد تقسيمها لثلاث أجزاء وأي إبداع وسحر ستغمرنا بهم الكاتبة!
ثم تفاجأت باختلاف النهاية بشكل تام، اختلاف الأحداث والنهاية، وهو أمر شكل لي صدمة، إذ أنني شعرت وكأنني أقرأ رواية جديدة ومختلفة، وتعجبت كيف لكاتبة أن تبدع في أن تخلق لرواية نهايتين مختلفتين تمامًا بهذا الشكل الرائع، إذ أن النهاية الأولى للرواية قبل تقسيمها، كانت رائعة لمحبي النهايات السعيد، وهي في نفس الوقت رائعة ليس عليها غبار، ولكني لست ممن يعتنقون النهايات المثالية، فأنا أرى أنه مثلما هناك سعادة لابد من وجود حزن، وعندما يوجد الألم توجد العافية، ومثلما تجد الرضى تجد القنوط، وتأتي النهضة بعد الدمار، ثم مقابل الخير الشر. لذا جاء التعديل على النهاية ليكمل باقي السلسلة مميز وأكثر واقعية وصادم، لذا أعزائي القُراء ممن قرأ من قبل الرواية الأولى ولم يقرأ التعديل الجديد، أحذرك أن تستعد لأحداث مختلفة تمامًا وصادمة بشكل رائع.

تنتزعنا الكاتبة نزعًا من عالمنا المألوف لتزرعنا في عالم مشوق ومثير، في رحلة ساحرة لعالم الجن والشياطين، تربطهم برباط خفي بعالم الإنس وعالم السحر والمستذئبين حيث إبنة عرافة الألفا؛ تحركهم الكاتبة بخيوط خفية نحو القدر والمحتوم، ننتظر بقلوبٍ وجلة نهضة التنين، ونإن وجعًا لمصاب حارسة الطبيعة.

جمر ورماد ملحمة رائعة تحبس الأنفاس وتوقف القلوب،
استندت فكرة الرواية على الصراع الأبدي بين الخير والشر، وتغلغل الخبث بالنفوس حتى يتملكها تمامًا، مثلما طغى قابيل -وقتل أخوه هابيل- ليحصل على ما ليس بحق له، فسفك الدماء -بظن منه أنه الأحق والأفضل- ليكون أول قاتل على وجه الأرض، استمع لوسوسة الشيطان واتبع هواه. هكذا تأخذنا الكاتبة في قصة صراع بين أخين يمثلون كفتي الخير والشر، لنجد كيف يحكم الشيطان قبضته وسطوته على من يتركون له عقولهم وقلوبهم، غافلين عن أنهم أتباع للشيطان وأن مصيرهم الزوال مهما طال بهم الزمن.
وأعطتنا الكاتبة صور رائعة للتفاني والتضحية مثل رايزاد وألين وبيسان، والوفاء مثل بلايك رغم اتخاذه جانب الشر إلا أن رفضه للخيانة كان صورة رائعة غير مألوفة للوفاء، وأن الوقوع في الخطأ ليس بالأمر الجلل، ولكن استمرارنا بالخطأ هو لأصحاب النفوس الخبيثة مثل نولان.
وأرتنا الكاتبة صورة جميلة للعلاقة الطيبة بين الأخوة، وغير ذلك من المعاني الطيبة والرائعة.

ومنذ الوهلة الأولى التي تقرر فيها خوض غمار الرواية ستجد قوة جاذبة تشدك إليها شدًا، تجذبكَ إليها وكأنها امتصت جاذبية الأرض وثبتتك بكلماتها وسطورها، آلا وهو عنصر التشويق والغموض.
استطاعت الكاتبة المبدعة إنجاح الرواية منذ أول سطر في مقدمتها؛ إذا أنها استعانت بعنصر التشويق والغموض بشكل جيد وسخرته بطريقة مميزة عملت على جذب القارئ.
ثم تتوالى الأحداث الغامضة والمشوقة والتي تجعل من القارئ متحفز دائما ويقظًا، وفي نفس الوقت مستمتع ومتلهف للمزيد، وهو ما تبرع فيه أمل دائمًا؛ إذ أنها من الكُتاب المميزين الذين يستطيعون استخدام هذا العنصر ببراعة تامة تجعل القارئ متشوق دائما وتبعد الضجر عنه.

ثم نأتي للشخصيات المميزة والرائعة، فبالرغم من تعدد الشخصيات إلا أن الكاتبة تمكنت من بلورة كل شخصية بما يناسبها وخلقت المقومات التي أدت لسلوك كل شخصية، وقد كان الوصف الدقيق للشخصيات سواء الخارجي أو الداخلي متقن وكامل، فتمكن القارئ من استحضار جميع الشخصيات والعيش بداخلها.

وهنا يلعب الوصف دورة المميز، فليتمكن القارى من استحضار الشخصيات لابد من وصف مميز وبديع، فالوصف الخَلقي كان رائع وبديع، قامت الكاتبة بوصف دقيق للمخلوقات والأشخاص، أما الوصف النفسي حيث الانفعالات والمشاعر؛ فقد تمكنت الكاتبة ببراعة من وصف دقيق لها جعل القارئ يتأثر بهم بشكل تام فيعيش آلامهم وسعادتهم وحزنهم، وكان الوصف الاجتماعي لكل شخصية عامل مؤثر لفهم دوافع الأبطال ومنظورهم، ولا ننسى الوصف الخُلقي الذي أظهرته الكاتبة بشكل جيد
فقد جسدت الكاتبة الشر والذي تمثل في نولان وأنابيل بشكل رائع، حيث هيأت الظروف التي أدت لسلوكهم، فنولان الطاغية الذي تربى على كونه الملك المنتظر الذي سيوحد التنين بعد انقسامه، والذي يتفاجأ بوجود أخ له منعت استحقاقه للتنين، ثم الخيانة التي تعرض لها من زوجته المنتظرة، فضلًا عن الجفاء الشديد الذي عاشه منذ الطفولة وعدم حصوله على عاطفة أمه، كل ذلك خلق نولان الطاغية والذي استمر شره يكبر معه ويتشعب.
أما أنابيل التي أرادت السلطة والقوة فقد كانت نشأتها هي وأخوها تحت ظل العبودية، وما لاقته على يد سيدها من إزلال ومهانه وانتهاك جعل أمر القوة والسيطرة هاجس لها خوفًا من عودة الماضي.
وباقي الشخصيات الرائعة التي إن استفضنا في تحليلها سنحتاج لأيام، ولكن كل ما يهم أن الكاتبة كانت ملمة وخلقت التكوين الاجتماعي والنفسي والخُلقي لكل شخصية بشكل مناسب تمامًا لها.

ولقد استعانت الكاتبة بالراوي العليم ليتولى السرد، وهو اختيار موفق من الكاتبة، لتعدد الشخصيات ولنقل الصورة بشكل جيد دون وجود ثغرات.

أما عن الحبكة؛ فقد كانت حبكة انكسارية، تخللها العديد من الاسترجاعات الزمنية، وهو ما ناسب الرواية، إذ كان لابد من معرفة ماضي الأبطال، فكان تسلسل الأحداث رائع دون ثغرات.

وعن النهاية المميزة والغامضة والمشوقة، فقد فتحت أبواب عديدة للتساؤلات عن ما سيحدث لاحقًا، وحمست القارئ للأجزاء التالية، أحسنت الكاتبة استخدام عنصر التشويق فيها لجذب القُراء لما سيأتي لاحقًا، والبعد عن الرتابة.

ولن نغفل عن ذكر أسم الرواية الرائع والذي ناسب الرواية المشتعلة بالجمر المخلف للرماد، فليس هناك جمر دون رماد ولا رماد دون جمر محترق.
فضلاً عن اختيار برومو الرواية المذهل، كان اختيار أغنية فالاهالا -وهي أغنية مسلسل فايكينج- مناسبة تمامًا وكأنها صنعت لأجلها.


أيها التنين انهض من سباتٍ دام قرونًا
تدق طبول الحرب لأجلك
فانهض واحكم وانفث نارًا
ابسط حكمك واحشد جيشك
كن اعصارًا يدمر شرًا
من الجحيم أتي لدارك
وحد نصفك واجمع شملك
واعزف لحنًا ينير دربًا
إلى السلام يكون طريقك

هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل يخوض رايزاد ونولان نفس المصير مرة أخرى؟ وهل تخون حارسة الطبيعة ثانية؟
خيوط تتشابك وتتفرق لتغزل لنا صراع بين الأخوة لنيل السلطة والهيمنة، وتقف حارسة الطبيعة في المنتصف كالعقدة والمفتاح بين الطرفين، فلمن الغلبة؟!

الرواية غير موجودة على الواتباد، ولكن للكاتبة حساب على الفيس ستجدون به جميع أعمالها، وسأرفق لكم رابط تحميل الرواية pdf على حائطي.

استمتعوا🇵🇸🇵🇸

شاركوني آرائكم🇵🇸🇵🇸

لا تنسوا الدعاء لإخواننا بفلسطين💔

Comment