الفصل السابع عشر: "تَقَاربُ المَوعِد"

«مداوي هزيمتي»
«الفصل السابع عشر»
«تقارب الموعد»
---------------------------------------------------
والقَمرُ ينحَنِي تَقدِيرًا لجَمَالكِ♡
---------------------------------------------------

حط الحلم قدامك وأسعى علشانه أكيد هتلاقي تعثرات في النص أقولك؟! خليك زي الفرخة بتسعى وتتعب علشان تدور على أكل عيشها وتأكل عيالها.. خليك زي الفرخة عزيزي القارئ♡

"يلا يا ولاد هنتأخر على الصلاة مينفعش كدا" صاح "عبد الله" بتعجلٍ وهو يرتدي حذاءه.

خرجت "سارة" مسرعة وهي ترتدي حقيبتها:

"شوفت انا خلصت أهو هما إللي عيال بطيئة"

أبتسم "عبد الله" لصغيرته وهو يراها ترتدي عباءة من اللون البيچ و وشاح أسود على رأسها، ألتقط وجهها بين يديه بحنانٍ:

"حبيبة بابا عسل بالحجاب أوي ربنا يثبتك وتلبسيه قريب"

آمنت "سارة" بإبتسامة هادئة وأنتبها لمجئ إخوتها وهم يتشاجرون.

"والله يا إيهاب لو ما جيبت الساعة لا هكلم حبيبة أقولها إنك خرجت إمبارح بليل تسهر في الكافيه وأنتَ معرفها إنك هتنام" نبس "إيهاب" بتوعدٍ وهو يسير بجانبه حتى يستطيع أخذ ساعته.

ألقى"إيهاب"الساعة له بغيظٍ وهو يضبط من وضعية جلبابه الأبيض:

"أمسك إلهِ تتمسك في كمين يا بعيد"

ضحكت "سارة و معاذ" بمرحٍ ومن ثم هبطوا جميعًا وهم يرددون التكبيرات وراء المكبر في فرحةٍ والأطفال تركض امامهم للحاق بالصلاة.

"يلا يا سارة روحي مع ماما ناحية الستات واحنا هنصلي وهنتقابل هنا لما نخلص" نبس "عبد الله" بتلك الكلمات لإبنته ومن ثم ذهب مع أبنائه لساحة الرجال وظلوا يرددون التكبيرات في أجواء مليئة بالدفئ والراحة وهواء الضحى ينبعث بنسيمه ليرطب الوجه ببرودته.

توجهت "سارة" مع والدتها نحو "حبيبة وهاجر" اللتان كانا يجلسن على الأرض يلتقطن بعض الصور عبر الهاتف.

"العرايس الحلوين بتوعنا بيتصوروا من غيرنا إخس" جلست "سارة" بجانبهن هي و والدتها.

أعلن الإمام عن بداية الصلاة فيصطف الجميع بجانب بعضهم وبدأت الصلاة في خشوعٍ وسكينة مع صوت الرياح الهادئة والعصافير.

أنتهى المصليون من أداء الصلاة وأنطلقت البلالين من إحدى المباني ليهلل الأطفال والكبار بفرحةٍ وهم يركضون لإلتقاط البعض منهم.

نظرت "سارة" نحو الصغيرة التي كانت تركض محاولة لإلتقاط واحدة فقامت بحملها بمرحٍ أسفل أنظار والدة الطفلة المبتسمة وهي تركض بالطفلة حتى تلتقطها لأجلها ولكن توقفت عن الركض عندما وجدت شخصًا ما يميل يلتقط البالون ومن ثم مد يده بها نحوها بإبتسامته المعتادة.

أصطبغ وجهها بخجلٍ وهي تراه أمامه بجلبابه الأبيض وخصلات شعره المهندمة وخلفه "فاطمة ورزان" يرتدن عباءات.

نظرت "سارة" نحوه بخجلٍ قبل أن تلتقطها منه وهي تعطيها للصغيرة ومن ثم توجهت مسرعة نحو صديقاتها وهي تحتضنهن.

"كل عام وأنتِ بخير يا سيرو" أحتضنتها"فاطمة" بحبٍ، فأجابتها "سارة" بإبتسامة:

"وأنتِ بخير يا فطوم مال وشك مبهج أوي كدا النهارة بعيدًا عن إنه العيد يعني"

غمزت لها"رزان"بطرف عينها وهي تشير على "فاطمة":

" أستاذ غيث وافق على جوازة فاطمة وصهيب أخيرًا وقراية فاتحتهم الأسبوع الجاي"

نظرت "سارة" بدهشةٍ وهي تقفز بسعادةٍ:

"بجد لقد هُرمنا يا شيخة والله لأزغرط"

أطلقت "سارة" الزغاريد فور إنهائها حديثها في مرحٍ مما جعل الجمسع يلتفت لها بتعجبٍ.

توجه "عادل" نحو زوجته بإبتسامةٍ واسعة لتقابله هي بنظراتٍ غير مبالية ليتحدث بحنقٍ وهو يدفع بكتفها:

"إيه يا بت التناكة دي، الحق عليا جايبلك عيدية خسارة فيكِ"

"خليهملك ياخويا مش عاوزة منك حاجة أوعى انا مروحة" أبعدته وهي تستعد للذهاب فأمسك يدها وهو يضحك:

"أنتِ ما بتصدقي والله طب بذمتك مش عاوزة نتصور زي التريندات دي وانا بالجلابية البيضا وأنتِ بعبايتك"

نظرت له بطرف عينها قبل أن تلتقط هاتفه من يده وهي تنادي "معاذ" حتى يقوم بإلتقاط الصور لهما.

"أظن بقى أنتَ معزوم عندنا يا غيث ومفيش إعتراض انا كدا كدا كنت هكلمك أصلًا" أردف"عبد الله"بتلك الكلمات بلطفٍ وهو يربت على ظهره جتى أومأ "غيث" بقلة حيلة.

قام"عبد الله"بالنداء لعائلته ومن ثم عادوا للمنزل حتى تبدأ الإحتفالات بين العائلات.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

"يلا يا عيال، جانا العيد وهنعيد" صاح "سفيان" بغناءٍ للأطفال وهو يسير بجانب أصدقائه ووالده بالشارع يطرق على الطبل.

صاح الأطفال وراءه وهم يصفقون:

"وندبحك يا خروف سيد.. جانا العيد وهنعيد وندبحك يا خروف سيد"

"من تالتة شـمـال" صاح أحد أصدقاءه بمرحٍ ليشتعل الحماس بداخل قلوب الجميع وهم يكملون:

"بنهز جبال وبأعلى صوت دايمًا بنشجع الأبطال.. فريق كبير.. فريق عظيم أديله عمري وبرضه قليل"

أجتمع من في البيوت بالشارع وهم يرافقونهم بالغناء.

ضحك"سفيان"بمرحٍ وهو يتجه لأحد الرجال والذي أحتل الشيب وجهه بسبب شعره الأبيض:

"كل سنة وأنتوا طيبين وعيد سعيد عليكم يا رب صبح صبح يا عم الحاج، إزيك يا عم عزيز"

نظر له "عزيز" بإبتسامةٍ هادئة:

"إزيك يا محمد يابني، رمضان كريم علينا وعليكم"

أختفت الإبتسامة من ثغر "سفيان" وهو يبحث عن زينة رمضان بالشارع:

"إيه يا عم عزيز رمضان إيه صباح الفل دا عيد الأضحى"

نظر "عزيز" حوله بنسيانٍ:

"عزيز مين؟! رمضان مين؟!"

صفق أصدقاء "سفيان" بمرحٍ:

"رمضان أبو العلمين"

ضحك"سفيان"بيأس وهو يتجه نحو والده:

"أجيب المصلحة؟ ولا نستنى شوية"

غمز "طارق" بطرف عينه وهو يفتح الحقيبة:

"يلا ياض أستعنى على الشقى بالله"

دلف سفيان للشقة التي كانت بالطابق الأرض وأبتسم بحبٍ:

"هايفة هابي ڤلانتين داي يا روحي يلا علشان هخرجك هيوحشني جعيرك بس يلا حصل خير"

أمسك بالحبل الذي كانت مربطة به وهو يجرها لخارج البيت حتى هلل الجميع.

ترك "سفيان" الحبل حتى يرتشف يعض من المياه ولكن بذلك الفعل أنتهزت البقرة الفرصة وهي تهيج حولها بعدما وجدت ان الكل يحيط بها فأنقضت على "سفيان" لتقع فوقه.

"الـحـقـونـي، يـا بـابـا" صرخ "سفيان" بتألمٍ فقد دُهش عندما وجد أن البقرة فوقه، بينما أنحنى "طارق" من كثرة الضحك وأمتلأ الشارع بضحكات الناس على ذلك المشهد.

"يا هايفة أبوس إيدك أوعي انا ضهري أتقطم يخربيتكوا" لطم "سفيان" على وجهه بحسرةٍ وهو يصرخ بالجميع حتى يحملوها بعيدًا عنه.

ذهب أصدقاءه وهم يدفعون بها عبر الحبل لينجحوا في إبعادها عنه ليظهر هو نائمًا على الأرض كاللاصق على الحائط  وهو يتأوه بحسرةٍ.

"آاه يا حِزن الحِزن سابت كله وجاتلي من حبك فيا ياختي دا انا إللي هدبحك" أستند "سفيان" على يد صديقه يقف بتألمٍ وهو يمسك ظهره.

أمسك برأسها وهو يجعلها تضجع على جانبها الأيسر بإتجاه القبلة.

ألتقط تلك السكينة الحادة وقام بتسمية الله ومن ثم نحر عنقها حتى عظام الرقبة وأبتعد حتى يتأكد من إزهاق روحها.

أقترب الأطفال حتى يضعوا أيديهم بدمائها ولكن توقفوا بتعجبٍ عندما رفع "سفيان" كفه بالرفض وهو يجيبهم بهدوءٍ:

"حرام يا ولاد محدش يقرب من دمها"

أستمع لحديث أحد الرجالة المستنكر لرده:

"ليه يابني حرام ليه"

أجابه "سفيان" برزانةٍ وهو يشير على دماء البقرة:

"قال الله تعالى في القرآن الكريم:
﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾

وفي آيةٍ كريمة غيرها:
"﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾
وكمان هو غير طاهر ودي دلائل كتير على حرمانيته فاحنا كل إللي علينا نحو الدم دا إننا نتخلص منه وننضف المكان"

أبتسم "طارق" بفخرٍ لإبنه الوحيد من أبذل قصر جهده لأجل تربيته وها هو قد نجح.

أتجه "سفيان" يتحدث مع من سيقوم بتقطيع لحم البقرة:

"متنساش أول ما تبدأ تقطيع، العضمة إللي قولتلك عليها دي تكسرها فورًا وتتأكد إنها أتكسرت، تمام؟"

أومأ له الرجل بتأكيدٍ:

"حاضر يا باشا ربنا يعافينا من الناس دي ويهديهم"

آمن "سفيان" قبل أن يتجه لغسل يده ومن ثم عاد لوالده:

"مش يلا يا حاج بدل ما ناهد تعمل مننا زي البقرة"

ضمه "طارق" لصدره وعيناه تلتمع فخرًا:

"يلا يا حبيب أبوك ليك عندي علبة سيريلاك بحالهاومش أي سيريلاك دي سيريلاك بالفواكه"

أحتضنه"سفيان"بسعادةٍ وهو يقبل وجنتيه:

"يا عم الواحد بيحبك أوي تسلم الأيادي يا طروقة"

ضحك "طارق" على إبنه الذي ستظل روح الطفولة بداخله حتى وإن مرت السنوات.
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

"رمتله هدومه على السلم بجد؟!" نبست "سما" بتلك الكلمات وهي تجلس مع بعض الممرضات يتناولن بعض التسالي وهن يندهشن من حكاية تلك الفتاة.

أومأت لها "تبارك" وهي تتناول من الترمس:

"أه يا بت وقالتله أطلع برا حياتي و ورقة طلاقي تتبعتلي وإلا هجيبلك أخواتي يبهدلوك"

صفقت بيدها كالردح وهي تكمل:

"وراحت سقفتله بإيدها كدا، وهو خد هدومه ومشي طبعًا"

ظهر علامات الضيق على وجه الباقي عن أفعال زوجها ذلك حتى أنتبهن لحديث ممرضة أخرى:

"الفراخ واللحمة غليوا أوي بقى علشان نعمل غدا زي كل يوم أدفع ربع المرتب ليه؟!"

أجابتها فتاة أخرى بحزنٍ وهي ترتشف من العصير:

"أكل العيش بقى هنعمل إيه يا بنتي دا احنا داخلين على مدارس ودروس والواد الصغير بيقولي يا ماما هاتيلي خمسة جنيه أجيب لسلوى صاحبتي شيبسي"

أنفجرت الفتيات بالضحك من حديثها فكانت هي المتزوجة الوحيدة بينهن.

أنتبهت"سما"بنظرات الممرضات المصوبة خلفها فنظرت لهن بتعجبٍ:

"في إيه يا بت منك ليها وهو في عفريت ورايا؟"

نفت "تبارك" برأسها وهي تحذرهن بعيناها:

"بقولك يا سما كلنا حكينا ما تحكيلنا أنتِ عن بدر شوية"

أبتسمت "سما" بحبٍ وهي تتذكر مواقفها معه:

"بدر دا طلعلي معجزة والله بعد ما يأست إن انا عمر ما حد هيبصلي هو بصلي عمر ما حد هيتقبلني هو تقبّلني مد إيده ليا وبيكمل الطريق معايا لما صارحته إن علاقتنا دي حرام وخوفت نتجاوز الحد متعصبش أو بعد عني بالعكس وافق على رأيي وبقى يشجعني على التكملة، بدر جواه حاجة كويسة لكن بسبب الظروف إللي قابلته خلته يحتفظ بيها جواه وأتنست مع الركنة"

نظرت لها "تبارك" بنبرة ماكرة:

"طب ولو هو موجود دلوقتي هتعملي إيه؟!"

أصطبغ وجه "سما" باللون الأحمر وهي تلتفت برأسها للخلف فـ فوجئت بوقوفه خلفها ينظر لها بإبتسامةٍ هادئة.

حمحمت"سما"وهي تهبط من السرير ببطئٍ قبل أن تتجه نحوه:

"كل عام وأنتَ بخير يا بدر"

نظر لها "بدر" بأعينٍ لامعة وهو يبتسم:

"وأنتِ بخير يا سما، مش هتكلم كتير علشان ميبقاش غلط وقفتنا انا بس جاي أديكِ الهدية دي وهمشي بقى"

ألتقطت "سما" تلك العلبة الصغيرة بشغفٍ ومن ثم نظرت له بتعجبٍ:

"شكرًا على الهدية بجد، بس تمشي فين؟!"

أجابها "بدر" ببعضٍ من التردد:

"انا أتكتبلي خروج من المستشفى وكمان هركب إيد صناعية وهحاول أتأقلم عليها وهشتغل وأكون نفسي علشان لما أتجوزك أكون مش قلقان من مصاريف جهاز أو كدا، عارف إن دي حركة صعبة بس انا هاجي كل يوم أتطمن عليكِ وهكلم دكتور سفيان كمان"

تجمعت العبارات بعيناها وهي تنظر له بخوفٍ:

"بدر أنتَ هتمشي وتسيبني زيهم؟! قولتلك بخاف أبقى لوحدي تقوم تمشي؟"

ظهر الحزن داخل عيناه نحوها:

"يا سما والله ما هسيبك انا هفضل جنبك العمر كله انا بعمل كل دا علشانك هركب الإيد دي بعد ما يأست إني هرجع زي الأول وهجيلك كل يوم أكني في المستشفى بالظبط بس علشان أهلي مبيعرفوش ينزلوا كل شوية"

صوبت "سما" بصرها نحوه بهدوءٍ:

"خلاص زي ما تحب وانا الورم بدأ يخف وهخرج انا كمان وهشوفلي مكان أقعد فيه، روح يا بدر روح شوف حياتك وأهلك، معلش انا مصدعة وهروح أنام عن إذنك"

لم تمهله فرصة للتحدث وهي تذهب مسرعة نحو غرفتها لتجلس على الفراش تبكي بألمٍ فهي تظن بأن الجميع قد مل منها ويغادرون واحدًا تلو الأخر.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

كان يسير بشرودٍ يضع يديه في جيب بنطاله ينظر لتلك الأطفال التي تلعب في مرحٍ بإحدى الحدائق بإبتسامةٍ جانبية ولكن رأى عائلتهم حولهم يلعبون معهم بمرحٍ.

عاد يتذكر عائلته فكان والده قد غادر مع أصدقائه لقضاء عطلة العيد، بينما والدته غادرت خارج البلاد.

جاءت بباله بعد الذكريات المؤلمة لطفولته فكانت مليئة بالحزم والحدة فأغمض عيناه بألمٍ عندما تذكر إحدى المواقف.

"العودة إلى الماضي"

كان ينظر "زياد" نحو هؤلاء الأطفال الذين يلعبون أمام منازلهم بالكرة، فأنتبه لنظرات الأطفال نحوه:

"زياد!! تعالى ألعب معانا شوية يلا"

نظر "زياد" بعيناه البريئة نحو حديقة منزلهم بخوفٍ من أن تراه والدته.

عندما وجد أن والدته منشغلة بإحدى المكالمات عبر الهاتف ركض نحو الأطفال ليلعبوا معًا.

كان تارة يضحك بمرحٍ وتارة يحتضن أصدقاءه وقد تنفس الهواء الطلق أخيرًا وشعر بطفولته المدفونة ولكن لم تدم تلك الفرحة إلا ساعة واحدة.

فأنتفض بفزعٍ عندما أستمع صياح والدته الحازم:

"زياد!! خد يا ولد هنا إيه خرجك برا الڤيلا"

أرتعد الصغير بذعرٍ وهو يتحرك نحوها فشعر بيدها تقبض على ذراعه الضئيل بشدة وهي تدفعه نحو داخل البيت بعنفٍ.

"العودة إلى الحاضر"

شعر بعباراته تتساقط من مقلتيه فمد يده يمسحها بعنفٍ وهو يجلس على إحدى المقاعد بضعفٍ فكانت طفولته مليئة بالقواعد والحزم والنظام لم يمرح مثل باقي الأطفال.

كان يظن بأن الثراء والأموال التي تمتلكها عائلته قاظرة على إسعادهم ولكن خابت ظنونه عندما وجد بأن السر الحقيقي هي القلوب الدافئة الحبيبة.

قطع حبل ذكرياته رنين هاتفه فأجاب "زياد" على المتصل:

"ألو.. جهزوا؟!.. طب تمام انا جاي"

أغلق هاتفه وقد تبدلت نظرات الحزن إلى الشر وهو يتجه نحو سيارته ليستقلها إلى موقعٍ مليئ بما سيندم به الكثير.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
"ابشروا عاد العيد.. وعادت الأناشيد.. نرقص نتصافح ونغني ونفعل ما نريد.. إفتحوا الأبواب.. هيا هيا هيا.. أضيئوا الطرقات.. هيا هيا هيا.. والمقاهي والنوادي وقاعات السنيما" قامت العائلة بالغناء جميعًا في مرحٍ وكان "زين" ينظر لصغيرته وهو يغني لها.

قام "زين" بتقبيل وجنتيّ صغيرته وهو يجعلها تبتسم ببرائةٍ وهو يتابع الغناء:

"ارني وجهك يضحك.. وبدون كمامات.. ودعوني أتباهى بردائي الجديد.. إفتحوا الأبواب.. هيا هيا هيا.. أضيئوا الطرقات.. هيا هيا هيا"

قام بضم صغيرته وزوجته له وهو يبتسم لعائلته الصغيرة، فأنتبه لشقيقته وهي تنظر له بسخريةٍ:

"ألا ما هددني حتى بقى يا ندل عمال تعيد في العيلة كلها وناسيني"

أعطى "زين" صغيرته إلى "ورد" وهو يتجه نحو "مريم" يضمها بحنانٍ:

"يا عم أنتَ التوب و الباقي فوتوشوب وانا أقدر أنسى مريّمتي برضه؟!"

نظرت له "مريم" بطرف عينها وقد لاحت إبتسامة على ثغرها مما جعلها يقبل جبينها:

"إمسكي يا ستي عديتك أهي"

مد يده ببعض الورقات المالية فأبتسمت "مريم" بحماسٍ قبل أن تقبل وجنته وهي تتجه لجلب باقي صحون الطعام حتى يتناولا.

أنتبه "زين" لرنين الجرس فأسرع بفتح الباب ومن ثم أبتسم لرؤية صديقه:

"عم تميم باشا مصر من الفجر للعصر"

ضحك"تميم"وهو يصافح صديقه:

"حتى قلشاتك كليشيه أوي يا زين، فين مرات إبني؟!"

أشار له "زين" بالداخل وهو يفسح الطريق:

"تعالى أدخل جوا أهي بتلعب، إزيك يا عمر عامل إيه"

أبتسم "عمر" بحرجٍ وهو يدلف وراء أخيه:

"الحمدلله يا أنكل بخير"

توجه "تميم" والديّ "زين" ليقبل يداهما بإحترامٍ معطيًا إبتسامة لطيفة نحو "ورد و مريم".

بينما كان" عمر"ينظر نحو من كانت تضع الصحون على الطاولة الكبيرة في هدوءٍ وهي تعدل من وشاحها غير منتبه للأعين التي أفترسته بغضبٍ عندما وجده ينظر نحوها.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

زفرت بمللٍ وهي تنظر الشرفة ومن ثم أنتبهت لدلوف جدها فأعتدلت بجلستها تهي تبتسم له.

أحتضن جدها حفيدته بحبٍ وهو يلثم جبينها:

"عاملة إيه يا حبيبة جدو؟"

أراحت "هداية" رأسها على صدره:

"بخير يا جدو كويسة، أنتَ أخبارك إيه؟"

ربت على رأسها بحنانٍ:

"بخير من يوم ما شوفتك كويسة، يلا صحصحي كدا جيبتلك أكل وعيديتك كمان"

أعتدلت "هداية" بجلستها عندما أعطاها شطيرتها المفضلة لها والعيدية الخاصة بها جلسا يتناولان معًا في مرحٍ.

نظرت "هداية" نحو جدها عندما تحدث:

"أه صحيح ملك جات إمبارح ليه؟"

أجابته "هداية" بهدوءٍ:

مش عارفة جات بتقولي إنها بتطمن عليا علشان كانت مشغولة الفترة إللي فاتت"

مرت نصف ساعة حتى أنتبهت "هداية" لدلوف "سفيان" وهو يصافح جدها بتأدبٍ قبل أن يعطي لهما بطاقة مدون بها بعض العبارات المباركة بمناسبة عيد الأضحى وبها ورقة مالية.

قامت "هداية" بشكره قبل أن تلتفت لجدها بعدم إكتراث للذي يقف أمامهما

نظر "سفيان" نحوها بحرجٍ قبل أن يفرك برأسه:

"طب أستأذن انا وكل سنة وأنتم طيبين عن إذنكم"

أبتسم له جدها ومن ثم خرج "سفيان" ليستكمل التوزيعات.
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

" والله يا فارس إن ماجيبتش حتة اللحمة دي لاهزعلك مني وأنتَ لما ملك الشرانية بتطلع بيحصل إيه"هتفت "ملك" بغضبٍ وهي تصبح بأخيها الذي ألتقط قطعة اللحم الأخير، بينما ينظر لهما والدهما ببرودٍ قبل أن يتركهما ليغسل يده.

أخبأ "فارس" قطعة اللحم خلف ظهره وهو ينفي برأسه:

"لاء يا ملك أنتِ كلتي نص البقرة لحد دلوقتي سيبلي حاجة أطفحها"

أمسكت "ملك" بنعلها وهي ترفعه بتحذيرٍ:

"والله يا فارس تاني إن ماجيبت حتة اللحمة لا هعرف بابا عن أسرارك إللي.. ممم"

كمكم "فارس" فمها بخوفٍ وألتفت بفزعٍ فور سماع صوت والده:

"أسرار إيه دي يا فارس؟!"

دفع "فارس" شقيقته على الأريكة وهو يبتسم لوالده بغباءٍ:

"لاء ابدًا يا حبيبي أخوات وبيهزروا هي ملك بس بتحب الهزار شوية صح يا ملك"

نظر لها بتحذير وهو يقرب اللحم من فمه، فأجابت "ملك" بغيظٍ:

"أيوة يا بابا بهزر، خش نام أنتَ يا حاج علشان دريم بارك إللي هنروحها بليل"

أومأ والدها وهو يتجه نحو غرفته ليأخذ قيلولة.

فور دلوف والده أنقضت "ملك" فوق ظهر "فارس" وهي تضربه بعنفٍ مما جعله يدفع قطعة اللحم داخل فمه.

ضربت "ملك" فمه وهي تصرخ به:

"أفتح بوقك ياض، أفتح إلهِ أفتحلك قبري بإيدي يا بعيد"

قام بصفعها على مؤخرة عنقها قبل أن يركض نحو الغرفة ليختبئ.

"ماشي يا فارس ماشي، وحياة أمي لاهدخلكبيت الرعب النهاردة بليل" نبست "ملك" بحنقٍ قبل أن تجلس لتلتقط الحاسوب خاصتها تنقر على بعض الأزرار بمكرٍ:

"يلا بينا نعيد على دلوعة مامي بالمرة ونربيه شوية بنقطة ضعفه، بسم الله"

قامت بالضغط على زر التحميل وعلى ثغرها إبتسامة عابثة تنظر بعيناها الممتزجة بالعسلي والأخضر امامها بشرودٍ وهي تترقب الساعات القادمة بحماسٍ على الدمار الذي سيحدث.

#يُتبع
#مُدَاوِي_هَزِيمَتِي

Comment