الفصل الثلاثون:"سَيَتَزَوّج"

"مداوي هزيمتي"
"الفصل الثلاثون"
"سيتزوج"
-----------------------------------------------------
بريق عيناكِ كنجمةٍ ساطعة تتهوج بقلبي
-----------------------------------------------------

_هيجي في يوم تيأس في نص الطريق وأكيد هيجي في بالك إنك مش هتكمل وتستسلم بس هيظهرلك طوق النجاة يقويك على إللي جاي سواء شريك حياة أو صديق فأتمسك بيه لآخر الخط.

بعد مرور أسبوع من الأحداث تحديدًا بكلية الإعلام كانت تقف "سارة" رفقة عائلتها فتولى "عادل" أن يُلبسها معطف التخرج و وضع "معاذ" القبعة على رأسها و ألبسها "إيهاب" شريط المدون عليها سنة تخرج الدفعة حول عن عنقها

أرتدت "سارة" بسعادةٍ حتى أحتضنوها بحنانٍ لتضحك لهم أسفل نظرات والديهم الفخورة بهم ليهتف "عادل" فور رؤيته قدوم "غيث" بمكرٍ:

_أوبا غيث بيه بنفسه جه علشان يباركلك.

ألتفتت "سارة" لتراه فوجدته يصافح والدها وهو يمسك بباقة من الورود ليلتقطها "معاذ" بسماجةٍ:

_الله وحشة أوي يا غيث شكرًا والله بس مش كنت تحط بدالها كرنب كنا أستفدنا منه.

أجابه "غيث" ببرودٍ:

_أصل السوق كان زحمة يا أخينا مرة تانية، وبعدين بتاخده ليه لسة مديتهوش لها.

أمسكه "إيهاب" من ثيابه:

_وأنتَ عاوز تديهولها كمان قدامنا؟! ولا أظبط نفسك كدا بدل ما و رب الكعبة أرفض الجوازة دي.

صاحت بهم "سارة" بغيظٍ:

_خلاص منك له وانا مارلين مونرو قدامكم ما تتهدوا بقى و أنتَ يا أخينا ما أنتَ عارف إنهم بيغيروا.

نظر "غيث" نحوها بتعجبٍ ليهمس إلى "عادل":

_هي الحالة أشتغلت ولا إيه؟؟

أجابه "عادل" بهمسٍ:

_هي كدا لو حد عصبها فـدي إشارة يا بني خلي بالك.

نظر "غيث" إليه بإستنكارٍ ليلتفت إلى والدها يتحدثان بأمورٍ عديدة حتى تبدأ الحفل.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

على الناحية الأخرى تقف "ملك" بإبتسامة واسعة أمام "فارس" تضبط من بذلته التي كانت من اللون الزيتي وأسفله قميصًا أسود ومعطف التخرج خاصته.

بينما هو نظر نحو حجابها بغيظٍ ليشد خصلات شعرها المتمردة بعنفٍ فصرخت بألم حتى أجابها بسخريةٍ:

_وجعتك أوي هاه مخوفتيش بقى من عذاب الآخرة وأنتِ تتشدي من شعرك كله يا بت، دول بيطلعوا ليه؟؟

أبعدت يده بتذمرٍ وهي تدخل داخل الوشاح:

_بيخرجوا غصب عني أعملهم إيه أضربهم بالعصاية يعني.

نظر لها "فارس" بغيظٍ ليجز على أسنانه:

_يا بت يا بت والله العظيم انا جبت أخري منك فأصطبحي وقولي يا صبح.

أشاحت له بيدها بعدم إكتراث ليعانق رأسها أسفل ذراعه بمرحٍ فضحكت له لينتبها إلى والدهما الذي ينظر إليهما بحبٍ فأتجها نحوه يحاوطاه، لتنبس "ملك" بمرحٍ:

_إيه يا حجوج عمال تبصلنا وهتاكلنا بعينك الحلوة دي.

ضربها "فارس" على رأسها مجيبًا بإستهزاءٍ:

_حوش إللي بيتكلم ما أنتِ لون عينك طالع لأبوكي متتفزلكيش.

قرصت "ملك" وجنته بإبتسامة صفراء:

_ما أنتَ عيونك بني زي ماما أهي وحلوة ومقولناش حاجة بتتغاظ ليه يا كياد.

أبعد عيناه عنهما بمللٍ حتى وجدها تأتي رفقة والدها بإبتسامتها الهادئة، فنظر نحو "ملك" بدهشةٍ والتي هتفت له بعبثٍ:

_انا إللي كلمتها تيجي ما أكيد خطيبها بيتخرج ومينفعش ماتجيش يبقى عيب في حقنا كلنا.

لم يستطع إجابتها بسبب قدومهما ليصافح والد "تبارك" والده.

بينما نظرت "تبارك" نحو فستانها و رداءه بدهشةٍ ونظرت لرداء "ملك" لتجده مماثل لتهتف بتعجبٍ:

_طب انا وصدفة أنتوا متفقين بقى ولا إيه؟؟

أجابتها "ملك" بضجرٍ:

_البت دي هبلة ولا إيه يا بت مش قولتلك تلبسي أي حاجة عندك لونها زيتي علشان تطقمي  مع الدريس بتاعي؟؟

أشارت "ملك" لفستانها الذي كان من اللون الزيتي وحجابًا من اللون الجملي وحذاء من نفس اللون فأومأت لها "تبارك" بتأكيد:

_أيوة أطقم معاكِ أنتِ لكن مش مع.. فارس.

نظر "فارس" إليهما بتعجبٍ قائلًا:

_يعني انا كورة في ملعبكم دي تطقم مع دي علشان تطقم معايا إيه يا ولية منك ليها.

ضحكت الفتاتان ليأتي على أثره والد "تبارك" يضم إبنته:

_مبارك يا فارس عقبال ما تبقى أكبر إعلامي في الدنيا.

أبتسم له "فارس" بإحترامٍ:

_شكرًا ليك يا عمي والله  إن شاء الله أبقى قد ثقة حضرتك بس..

عقد والدها حاجبيه بإستفسارٍ لصمته:

_بس إيه قول متخافش.

نظر "فارس" نحوها قبل أن ينظر له مجيبًا:

_بصراحة انا كلمت والدي في الموضوع دا، عاوز يعني إن شاء الله بعد حفلة التخرج أجي انا و والدي وأختي علشان نحدد معاد الخطوبة.

نظر والدها إليها بتساؤلٍ عن رأيها لتنكس رأسها للأسفل بخجلٍ، فأبتسم إليه بلطفٍ قبل أن ينبس:

_و انا موجود في أي وقت تحب وعلى بركة الله.

توسعت إبتسامة "فارس" بفرحةٍ لتعانقه "ملك" وقلبها يكاد يقفز بفرحٍ لأخيها:

_حبيب أخته هيبقى أحلى عريس، والله لولا الناس كنت زغرطت.

مال يقبل جبينها بحنانٍ:

_ربنا يديمك ليا أنتِ وبابا يا حبيبتي أول ما نروح نرقعها زغاريط.

ضحكت "ملك" على حديثه لينتبهوا إلى الإعلان عن بدء الحفل فتوجه الجميع إلى قاعة الإحتفال حتى تبدأ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

بعدما ترك "زياد" أخيرًا غرفته بعد عزلة دامت لفترة إتجه إلى حديقة المنزل ليجلس على الكرسي الخشبي بشرودٍ.

شرد في حياته ومنصبه الذين تغيروا فكيف عندما كان يملك أكبر الشركات أسفل يده ويمتلك الكثير من الأموال، كل ذلك أختفي في لمح من البصر لينكس رأسه للأسفل بعجزٍ حتى سقطت دموعه بندمٍ مما فعله سواء لنفسه أم للجميع.

صدح صوت الآذان بخشوعٍ فرفع رأسه بإنتباهٍ له يتلذذ بكلماته لأول مرة ليفسر عقله كل كلمة تُصدر فينبعث داخل فؤاده لينشر السكينة.

وقف من جلسته ليخرج من الباب الذي بالحديقة ويتجه نحو المسجد.

عندما وصل وقف بالقرب منه ينظر إلى المصليين الذين يكادوا يركضون حتى يلحقوا لقائهم مع الله، بينما هو نظر لحاله بعجزٍ فكيف لشخصٍ مليئ بالكثير من الذنوب أن بدلف لبيت الله.

أنتبه له أحد الرجال كبار السن فأقترب منه يحثه على الدلوف:

_يلا يا بني علشان الأقامة وتلحق الصلاة من أولها.

نكس "زياد" رأسه بحرجٍ قائلًا:

_انا عملت حاجات كتير وحشة وأذيت كتير، مش هيجيلي عين أدخل بعد كل دا.

ربت الرجل على كتفه ليبتسم بهدوءٍ:

_ربك رب التوبة مفيش مرة قفل باب بيت في وش حد حتى لو عمل إيه لإنه عالم إن هييجي اليوم إللي الإنسان دا يتوب فيه فباب التوبة مبيتقفلش يا بني خش وصلي وصلح علاقتك بربك قبل ما يفوت الآوان طالما قلبك جابك لحد هنا أعرف إنك ندمان و عاوز ترجع علاقتك بربنا فمتضيعش الفرصة دي بسبب وسوسة شيطانك يلا تعالى معايا و هساعدك تتوضى علشان إيدك وتصلي جماعة معانا الإمام إللي بيصلي بينا صوته ما شاء الله عقبال ما نشوفك زيه.

وكأن حديث الرجل مخدر للعقول فأنصاع عقل "زياد" لحديثه ليسير وراءه إتجاه المسجد وفور دلوفه شعر بالسكينة أحتلت جسده بالكامل فأصابته القشعريرة ليغمض عيناه براحةٍ حتى أنتبه إلى الرجل ليتجها نحو الصنبور كي يبدأوا بالوضوء قبل أن تبدأ الإقامة للصلاة.

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

_وبعدين يا ستي جيت أخدك من المستشفى بعد ما طلبتي إنك تروحي بس كدا دي كل الحكاية.

أنهي "حامد" حديثه وهو يسرد لها عن ما حدث أثناء دلوفها المشفى لتنظر له بهدوءٍ:

_والحمدلله يا جدو عدت على خير وخرجت أهو ربنا يستر على الأيام الجاية.

ضمها "حامد" ليربت على رأسها بحنانٍ:

_متقلقيش نفسك بس وهي هتعدي وبعدين الشاب محترم و إبن ناس وهيصونك إن شاء الله بس تديله أنتِ فرصة مش كلهم هيبقوا زيبعض يعني.

تنهدت "هداية" بحيرةٍ:

_انا خايفة بس يا جدو يطلع زيه، خايفة بعد ما أأمن له يغدر بيا خايفة لما أحكيله لمجرد فضفضة ياخدها معايرة بعدين خايفة أتصدم فيه بعد ما أثق فيه وأحبه.

ألتفت بالكامل لها ليجيبها بهدوءٍ:

_بصي يا هداية صوابعك مش زي بعضها يعني مش علشان واحد إستأمنتيله وحبتيه فسابك يبقى كل الرجالة كدا دا إمتحان يعلمك إزاي تختاري الشخص الصح وانا شايف إن سفيان متربي على أصول وطلبك مني انا مش زياد إللي عملك حركات الأفلام دي وانا سكت وقتها علشان فرحتك إنما سفيان هيدخل البيت من بابه حتى مجاش قالك انا بحبك وترتبطوا والحوارات البايخة دي دا عاوزك في الحلال يعني حافظ على قلبه وحبه ليكِ لحد ما ربنا يأذن وتتجوزوا، انا مش بقولك تقارني بينهم قد ما عاوزك تقارني إحساسك إيه مع دا ومع دا، تمام يا هداية؟

اومأت له بشرودٍ من حديثه الذي غيّر مجرى تفكيرها تمامًا لتتذكر الكثير من المواقف لكلاهما لتجد التغيير بوضوح فنظرت أمامها لتبدأ بإتخاذ قرارًا مصيريًا.

أنزل "حامد" الهاتف من أذنه بعدما كان يتحدث مع أحد الموظفين ليستمع إلى صوت حفيدته تنبس بثقةٍ:

_انا موافقة يا جدو على طلبه.

ألتفت لها بلهفةٍ لتنظر له متابعةً:

_حدد معاه معاد يجي يتقدم فيه وإن شاء الله خير.

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

ألتقي "تميم" بأصدقائه كلًا من "زين" و "أحمد" ليجلسوا معًا بإحدى المقاهي.

فكان يجلس "زين" وعلى فخذه تجلس صغيرته تلهو باللعب بدميتها ويجلس امامه "أحمد" و "تميم" الذي كانت ملامحه حزينة كالمعتاد:

_مش عارف أعمل إيه، مش عارف أتصرف معاه أو أفهمه إن إللي بيعمله دا غلط.

أجابه "أحمد" بهدوءٍ بعدما تركه يسرد ما لديه:

_انا عارف كل دا من الأول يا تميم وقبل ما تتعصب انا كنت بحاول معاه بشتى الطرق إنه يبطل دا علشانه وعلشان يعرف لما يخلص دراسته يتجوز ندى بنتي.

ألتفت له الإثنان بإستنكارٍ حتى تابع بإيماءة:

_أيوة عمر بيحب ندى ومن قبل ما نسافر كمان وفاتحته في يوم عن الموضوع دا وفهمته بغير مباشر إنه لازم يبطل إللي بيعمله علشان يتجوزها وحاولت أعرفه إن عارف بس هو كان معمي بشلته دي فأنتَ حاول معاه باللين خلاص ما دام ضربته، مش كل حاجة بالعنف لما تروح أقعد وحاول معاه يا تميم.

اومأ له "تميم" بشرودٍ فأبتسم "أحمد" بسعادةٍ قبل أن ينبس:

_سيبكم من عمر عندي خبر أحلى أنتَ ذات نفسك يا تميم هتزغرط علشان هتفرحلها أوي.

عقد "تميم" حاجبيه بتعجبٍ، بينما كتم"زين" ضحكه وهو يهدهد صغيرته فأردف "تميم" بتعجبٍ:

_هي مين دي إللي هفرحلها؟؟

ربت "أحمد" على كتفه بإبتسامة واسعة:

_مريم جالها عريس الواد عمرو صاحبنا أكيد تعرفه.

أنتفض "تميم" من جلسته بصدمةٍ مما جعله يلفت أنتبه من بالمقهى ولكن هو كان ينظر إليه فقط حتى صاح بحدة:

_نـعـم!! عريس مين دا إللي جاي لمريم، وعمرو كمان عمرو الأهبل يمين بالله يا أحمد لو الجوازة دي تمت لهزعلك أنتَ و زين.

صاح به "زين" بغيظٍ مما جعل صغيرته تنتفض:

_و زين ماله ومال الليلة دي كلها هو إللي قالك مش انا وشوفت بقى البت إتخضت منك لله.

قاطعه "أحمد" ليهتف إلى "تميم" بحيرةٍ:

_إستنى بس يا زين، تعالالي هنا ياض أنت‌ بتهددني؟؟ وبعدين مالك أتسرعت زي إللي جوزها طلقها كدا و مصدوم إنها هتتجوز.

نظر "تميم" إلى "زين" الذي غمز له بطرف عينه فألتفت إلى "أحمد" قبل أن يردف بشجاعةٍ:

_بصراحة بقى انا عاوز أتجوزها.

رفع "أحمد" بحذر قبل أن يسأله:

_هي مين دي؟؟

أمسك "تميم" هاتفه ومحفظته بإستعداد قبل أن يجيبه بنبرة سريعة:

_أتجوز مريم أختك.

مال "أحمد" يخلع حذاءه ليركض وراءه بتوعد، بينما ظل يضحك "زين" عليهما بمرحٍ قبل أن يلتقط أكواب العصير يضعها أمام إبنته:

_إشربي يا بت أنتِ وفكك منهم إتغذي بدل ما أرجع لأمك وتصوتلي.

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

بدأت حفل التخرج بدلوف الطلاب من باب القاعة يرتدون نظارات شمسية في صفٍ للفتيات وصف للشباب دون الإختلاط وتعالت تصفيقات أهلهم بحماسٍ وهم يغنون معهم:

_عايز البت تموت لمّا تشوفني
او او او

و اصرفوا متخافوش
او اوو او

و بلو بلاك
و مخطط
و كاروه

كاچولوه
اوه اوه
روشنوه
اوه اوه
كاچولوه
اوه اوه
روشنوه
اوه اوه

لبّسوه
أمريكوه
اوه اوه او او
اوه اوه.

خلعوا النظارات ليبدأوا تسليم الشهادات فكلما صعد طالب تعالت التصفيقات والحماس بمرحٍ ، بينما كلتا عائلتين "سارة" و "فارس" يصفقون بأقوى ما بهم بفخرٍ لنجاحهما.

بعدما تمت التكريمات للطلاب ركضت "سارة" للطاولة التي تجلس بها عائلتها ترفع الشهادة أمام أعينهم بحماسٍ:

_بصوا الحلاوة بقيت خريجة خلاص.

ضمها "عبدالله" لصدره قبل أن يلثم جبينها مردفًا بفخرٍ:

_انا مبسوط وفخور بيكِ يا سارة والله أشطر إعلامية شافتها عينيا عاش يا قلب أبوكي.

أبتسمت بحماسٍ قبل أن تطلق لإخوتها الذين فتحوا ذراعهم بفرحةٍ لتحتضنهم فأردف "عادل" بإبتسامة واسعة:

_الباشا الصغير كبر وبقى خريج كلية آخر العنقود ودعت الدراسة خلاص.

ربتت "سارة" على ظهره بحبٍ:

_كله بفضلكم بعد ربنا شكرًا لمساندتكم ليا بجد.

ضربها "إيهاب" على رأسها بخفة:

_بتشكري مين يا هبلة أنتِ احنا أهلك أكيد نديكي عيونا لأجل فرحتك دلوقتي دي.

أبتسمت له ومن ثم ألتفت تبحث عن "معاذ" الذي لاحظت غيابه هو و "غيث":

_هو معاذ وغيث فين كنت لسة شايفاهم وانا طالعة أتكرم.

أجابتها" محاسن" بتوضيحٍ وهي تشير على باب القاعة:

_خرجوا يشتروا ماية وحاجات وجايين تاني.

أومأت لها قبل أن تضع الشهادة على الطاولة:

_خلاص هطلع أشوفهم وجاية.

اومأوا لها بموافقةٍ لتخرج من القاعة تبحث عنهما وأثناء بحثها أصطدمت بجسد قوي بعض الشيء فألتفتت حتى تعتذر من الشخص ولكن توقفت بدهشةٍ:

_فارس!!

نظر لها "فارس" ببرودٍ ومن ثم اومأ لها:

_أه فارس، مبروك على التخرج.

أبتسمت له بتوترٍ قبل أن تجيبه:

_الله يبارك فيك ومبروك ليك أنتَ كمان.

شكرها "فارس" حتى أتت على إثر ذلك "تبارك" والتي كانت تشتري بعض الأغراض لتنظر إلى "سارة" بتعجبٍ.

توتر "فارس" من وجود "تبارك" حتى حمحم بتوترٍ وهو يشير عليهما:

_دي تبارك خطيبتي ودي يا تبارك سارة زميلتي في الكلية.

أومأت "تبارك" بتفهمٍ قبل أن تنظر لها بإبتسامة لطيفة وهي تمد يدها تصافحها:

_أهلًا بيكِ يا حبيبتي أتشرفت بمعرفتك.

بادلتها "سارة" المصافحة بإبتسامة:

_حبيبتي شكرًا ليكِ انا إللي أتشرفت بمعرفتك.

أتى كلًا من "غيث" و "معاذ" الذي نظر نحو "فارس" بحدةٍ نظرًا لعلمه ما فعله مع أخته من قبل مما جعله يأتي في مرة ليتشاجر معه، ليردف بغموضٍ:

_واقفة هنا ليه يا سارة؟؟

أنتبهت "سارة" لهما حتى هتفت بعتابٍ:

_أنتوا فين كنت بدور عليكم.

أجابها "غيث" مشيرًا على زجاجات المياه البلاستيكية التي بيدهما:

_كنا عطشنا فروحنا نجيب ماية وكدا أنتِ إيه خرجك؟؟

أجابته "سارة" وهي تنظر لمعالم أخيها بخوفٍ:

_كنت بدور عليكم والحمدلله لقيتكم نخش بقى يلا.

قبل أن تجذب يد "معاذ" رفع هو بها ليصافح "فارس" بجمودٍ:

_أستاذ فارس إزيك

أبتلع "فارس" ريقه قبل أن يصافحه بشجاعة زائفة:

_أهلًا يا أستاذ معاذ عاش من شافك.

اومأ له بتهكمٍ مما جعل "غيث" يتعجبٍ من لقائهما الغريب ليتساءل:

_هو أنتوا تعرفوا بعض؟؟

فرت الدماء من وجه "سارة" لسؤاله، بينما أبتسم "معاذ" بتهكمٍ وأجابه دون أن يرفع عينه من عليه:

_و دي تيجي برضه فارس صاحبي وصاحبي أوي كمان مش كدا يا فارس؟!

أبتسم له "فارس" ببرودٍ:

_طبعًا يا صاحبي ألا مين الأستاذ؟!

نظر "معاذ" إلى "غيث" الذي يتابع حوارهما بشكٍ فربت على كتفه:

_دا غيث صاحبي برضه.. وخطيب سارة.

تدخلت "سارة" بتلك الحرب الباردة بهدوءٍ وهي تشير على "تبارك" التي تمنت لو تفر هاربة من ذلك المشهد:

_و.. و تبارك خطيبته يا معاذ هاه خطيبته يلا يا حبيبي قبل ما يقلقوا علينا.

أومأ "معاذ" قبل أن يترك يده ليضم شقيقته بحمايةٍ ومن ثم دلف الجميع مجددًا إلى القاعة.

جلسوا على طاولتهم ليميل "غيث" قليلًا على أذن "معاذ" هامسًا:

"هو إيه حوار فارس دا، صاحبك دي مدخلتش دماغي خالص قولي مين؟!

أجابه" معاذ" بصوت منخفض:

_فارس دا كان عاوز يتقدم لسارة كذا مرة و دايمًا لما تروح محاضرة مهمة في الطلية يوقفها قدام صحابها ويزن على إنه يجي يتقدم وهي مكانتش عاوزاه وكذا مرة رفضته بالذوق لحد ما أشتكتلي في مرة لما جابت أخرها وجيت الكلية و قلبتها خناقة وكان هيتطرد آخر ما زهقت قولتلها لو جالها تاني تبعده بقلة أدب بقى تزعقله أو كدا وأهو بِعد لما عملت كدا فعلًا وخطب.

تهجمت ملامح "غيث" بغضبٍ وغيرة وهو ينظر نحو "فارس" الذي دلف القاعة رفقة "تبارك" وجلس مع عائلته بمرحٍ، فأستعد للذهاب إليه حتى يلقنه درسًا ولكن أمسك "معاذ" ذراعه ليهمس له بتحذيرٍ:

_إتهد وأقعد دي فرحة البت مش عاوزينها تزعل أو تخاف وبعدين الواد بعد عنها يبقى خلاص بقى أشرب بيبس يلا.

أرتشف "غيث" من المشروب الغازي خاصته وهو يبعد بصره عن "فارس" حتى يندمج مع إحتفالهم لنجاحها.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

جلست "ندى" رفقة والدتها "مروة" بجانب "مريم" التي كانت ملتزمة الصمت من إلقاء أخيها بقنبلته بوجود أحد أصدقائه يريد الزواج بها.

هتفت "مروة" بقلة حيلة:

_يا مريم إنطقي بكلمة قولي طيب رأيك في الموضوع دا أكن أحمد بيقولك دا جاي يقتلك.

أطلقت "مريم" تنهيدة طويلة دون أن تجيبها لتنفخ "ندى" بنفاذ صبر:

_في إيه يا مريم وهو أول مرة يجيلك عريس يعني ما تقعدي معاه وشوفي.

صفعتها "مروة" على مؤخرة عنقها:

_مريم في عينك إسمها عمتو بس هقول إيه ما أنتِ مش جايباه من برا الله يسامحه أحمد.

_وماله أحمد هاه ما زي الفل وكان في برا و في حاله هي في ناس إللي حاشرة مناخيرها في حياته بس.

نبس بها "أحمد" فور دلوفه الشقة لتنظر له "مروة" بسخريةٍ:

_غلبان يا أخويا أوي معلش انا شرانية.

غمز لها بطرف عينه مجيبًا بمكرٍ:

_دا أنتَ حلو يا حلو.

أبتسمت "مروة" بخجلٍ قاطعهما حمحمة "ندى" التي نظرت لهما بعبثٍ لينتبه لها "احمد" لتختفي إبتسامته قائلًا بغيظٍ:

_أنتِ مش وراكِ درس يا بت؟! فزي قومي روحي يلا يا ثانوية عامة ما انا مش بصرف فلوسي في الهوا.

زفرت "ندى" بتذمرٍ وهي تلتقط حقيبة الظهر:

_يالاهوي منك يا أحمد لما أرجع هوريك والله.

أبتعدت عنها لتغادر الشقة فنظر "أحمد" لأثرها ببلاهةٍ:

_يالاهوي منك!! دا انا لو جوز أمها مش هتعاملني كدا.

ضحكت "مروة" على مشاجرته مع إبنته الدائمة، بينما هو جلس بجانب "مريم" ليربت على كتفها:

_عندي ليكِ خبر عسلاية كداهو ت...

قاطعته "مريم" تهتف بغموضٍ:

_انا موافقة على عمرو صاحبك يا أحمد حدد معاه معاد يجي يتقدم فيه عن إذنكم.

غادرت "مريم" غرفة المعيشة لتدلف إلى غرفتها أسفل نظرات "أحمد" الداهشة:

_يا عيلة مجنونة.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

من مجئ "بدر" ليأخذها من بيت "عمار" إلى منزل عائلته وهي تبكي وتغوص ببحور حزنها فمنذ مغادرتها لم تتوقف عن البكاء سوى عند النوم.

فدلف "بدر" الغرفة بعدما طرق الباب لترتسم معالم الحزن على وجهه فور رؤيته لحالتها ليجلس بجانبها قبل أن يردف:

_متزعليش نفسك يا سما عارف الموضوع صعب إنك تتقبليه بعد ما عيشتي سنين فاكرة إنهم ماتوا موتة عادية بس إحمدي ربنا إنك عرفتي بدل..

قاطعته "سما" ببكاءٍ وهي تضرب بقبضتها على الأريكة:

_يا ريتني كنت عيشت العمر كله إنهم ماتوا عادي يا ريتني ما عرفت الحقيقة كنت الأول بزعل على موتهم لكن دلوقتي بتوجع ألف مرة عن الأول بعد ما عرفت.. إن بابا هو السبب في موت ماما انا مش قادرة أصدق يا بدر مش قادرة.

ضمها "بدر" ولم يستطع الصمود لتنطلق الدموع من عيناه حزنًا على زوجته ليربت عليها بمواساةٍ:

_ربنا يرحمهم يا سما ويغفر لوالدك على إللي عمله تقبلي الوضع لإن لا عياطك ولا حزنك هيصلح حاجة تقبلي الوضع ويا ستي لو مش عاوزة تسامحي عمار دلوقتي متسامحهوش خدي وقتك في الزعل منه.

مسحت "سما" عباراتها بغضبٍ:

_مش هسامحه مش هسامحه يا بدر ولا هغفرله على إللي عمله بقى يخبي عليا كل السنين دي لا وقبل ما أنزل يقولي مرضيتش أقولك علشان الكانسر إللي كان عندك، كتر خيره والله الراجل خايف على مصلحتي بيقولها ولا أكني عايشة في ماية بطيخ انا مش عاوزة أعرفه تاني عمار صفحة وأتقطعت من حياتي خلاص لا أخويا ولا أعرفه خليه يشبع بالست نورا إللي هتجيبه لورا في يوم وبكرا تقول سما قالت.

تنهد "بدر" بعجزٍ عن إقناعها ليلتقط شطيرة من الصحن ليردف بمرحٍ:

_طب يا ست سما ممكن ناكل بقى ونفكنا من عمار ونورا دول علشان انا مباكلش كويس من كتر ما بتعيطي يلا أطفحي.

أبتسمت له "سما" قبل أن تلتقط منه الشطيرة لتقضم منها ليتناول معها يسرد عليها بمرحٍ:

_الشقة أتشطبت ناقص العفش يتفرش ونحدد الفرح مع خالك أشرف دا مع إنه مش نازلي من زوري بس كله يهون علشان ست سمسم.

أبتسمت "سما" بلطفٍ قبل أن تجيبه بحرج:

_انا أسفة إني تاعباك معايا من يوم ما عرفتني وربنا يقدرني وأردلك إللي عانيته معايا دا.

ضربها "بدر" على رأسها بمزاحٍ:

_ما تلمي نفسك بدل ما ألمك شكرًا دي تقوليها للغريب إنما انا بدر عارفة يعني إيه؟؟

نفت "سما" برأسها وهي تتصنع عد المعرفة:

_لا يا أخويا معرفش عرفني.

أبتسم لها بغباءٍ وهو يرتشف من الكوب:

_صدقيني ولا انا أعرف بني آدم زي أي بني آدم.

ضحكت "سما" بمرحٍ لتدفعه بعيدًا قبل أن تلتقط هاتفها ليتساءل:

_بتعملي إيه هتبلغي عني؟؟

أجابته "سما" وهي تنقر على الكاميرا ومن ثم جعلته للعدسة الأمامية:

_هنتصور علشان نبقى على الحلوة والمُرة.

أجابها "بدر" بإبتسامة:

_عقبال ما نتصور في مراية بيتنا.

ألتقطت الصورة ليتشاركا معًا أحزانهما وفرحهما حتى تسير الحياة على ذلك النمط.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

_النهاردة هكلم جدك قالها وروحي راحت ياني.

كان يقيم الأفراح بعدما تلقى مكالمة من "حامد" يخبره بأنها وافقت على طلبه ليتقدم لخطبتها ومنذ وقتها يرقص بفرحةٍ عارمة لينضم إليه والده بسعادةٍ.

توقفا بتعجبٍ عندما قطعت "ناهد" الأغنية من المسجل لتنظر لهما بشرٍ مما جعل "طارق" يهتف بضيقٍ:

_إيه يا ناهد بتقطعي علينا وصلة الفرحة ليه ما صدقنا الحجر ينطق.

نظر له "سفيان" بإستنكارٍ:

_يا عم وانا واقفلك في الزور ما تحل بعيد عني.

أشاح له بيده بعد إكتراث، بينما صاحت بهما "ناهد" بغضبٍ وهي ترفع يده بعلبة كرتونية:

_مين فيكم يا كلاب إللي أكل الكورن فليكس؟؟

تبادل "سفيان" النظرات مع والده بتوترٍ حتى أنتفضا بفزع عندما صرخت:

_ما تنطق منك له بدل ما أرتكب جريمة وتبقى عِبرة لكله.

تحدث "سفيان" بتلعثمٍ:

_انا يا ماما الصبح ماكنتش لاقي فطار فأكلت منه على شوية لبن و والله العظيم كان فيه كتير فدي انا آخر كرة كلت منه يبقى بابا إللي أكله.

أنتقلت "ناهد" ببصرها إلى زوجها الذي بالتالي صاح بتبريرٍ:

_قسمًا بالله آخر مرة كلت منه كان إمبارح يبقى مش انا.

أجابته "ناهد" بإستنكارٍ:

_يعني انا ولا أمي إللي كلته ما تنطق ياض منك له مين طفحه على قلبه.

_انا يا ناهد إللي كلته ليكِ شوق في حاجة؟؟

هتفت بها "روضة" وهي تخرج من المطبخ تتناول من تلك الحبوب مع بعض الحليب، ليلتفت لها الجميع حتى هلل "سفيان":

_الله أكبر ظهر الحق يحيا العدل والله العظيم انا ربنا نصرني.

تصنع" طارق"البكاء وهو يسجد بالشكر إلى الله حتى ضحك عليه "سفيان":

_عقدتي الراجل في حياته لدرجة يسجد شكر لله، أدي روضة حبيبة قلبك إللي بتنصفيها علينا دايمًا أتصرفي بقى.

ألتفتت لها" ناهد"بملامح مقتضبة، بينما كانت تنظر لها "روضة" ببرودٍ وتأكل أمامها بلا إهتمام وفجأة تغيرت تعابير وجه "ناهد" لتذهب لها تربت عليها بحبٍ:

_ألف هنا وشفا على قلبك يا حبيبتي لو عوزتي تاني قوليلي وأخلي سفيان ينزل يجيبلك.

وضع "طارق" يده على قلبه بتعب زائف:

_أه قلبي والله ما حد هيموتني غيرها كان يوم ما يعلم به ربنا يوم ما أتجوزتك.

ذهب إليهما "سفيان" بإعتراضٍ:

_لاء بقى الكلام دا ميمشيش معايا يعني إيه بتنصفي البت دي عليا، خدي هنا يا بت.

رفعت "روضة" يدها اليمنى التي يزينها خاتم خطبة:

_لاء لاء عندك انا مخطوبة دلوقتي يعني أي تعرض للعنف هكلم خطيبي يجي ياخدلي حقي.

عض "سفيان" على شفته السفلى بغيظٍ:

_تصدقي وتؤمني بالله إللي صعبان عليا في الليلة دي هو خطيبك دا أتاخد حتة مقلب إبن لذين غوري يا بت من وشي.

ضحكت "روضة" بإستمتاعٍ لتنظر إلى "طارق" الذي يرمقها بشرٍ لتوجه حديثها له ببراءةٍ:

_تاخد حبة يا طارق والله طعمهم حلو.

تركها "طارق" ليتوجه إلى الأريكة يجلس عليها بإقتضاب حتى أبتسمت هي بمكرٍ لتعود إلي المطبخ تكمل مساعدتها مع "ناهد"

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أنتهت الصلاة ليصافح المصليين بعضهما، بينما جلس "زياد" بتيهٍ وخجل بسبب أنه بعد كل ما يفعله يعود إلى الله بجميع ذنوبه ولكن لم يدري بأن الله يقبل توبة الجميع.

أنتبه لمجئ إمام الجامع له بإبتسامة بشوشة يجلس أمامه:

_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إزيك يا بني.

نظر له "زياد" بتوترٍ:

_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إزي حضرتك.

ربت عليه الرجل بحنانٍ:

_الحمدلله في زحام من النعم، قولي مالك بقى.

فرك "زياد" بيده بحرجٍ ليجيبه بدموع غزيرة:

_تفتكر هيقبل توبتي؟؟

أبتسم له بإطمئنان لينبس بصوت هادئ:

_ربك رب التوبة إذا كان قبل توبة كل دول هييجي عندك أنتَ ويرفض؟ دا وسوسة شيطان وأنتَ علشان إيمانك ضعيف فمش واثق إنه ممكن يقبل توبتك، مش هلومك الإنسان بيجيله وقت يحس إنه مقصر في حق ربنا وفي حقه فانا معاك في دي لكن إللس مش معاك منه إنك تقتنع بالإحساس دا وتبطل محاولة، احنا هنا في الدنيا دي بنجاهد لإرضاء ربنا، أنتَ تحمد ربنا ألف حمد إنها فانية وإلا كنا قتلنا بعض وكنا أتهلكنا مشقة وزعل، ربنا في كل إمتحان بتتحط فيه له حكمة وأنت بإيدك تختار نار ولا جنة مديلك حرية الإختيار تختار مصيرك علشان لما مصيرك يجي متجيش تعترض، ربك لا ظلم ولا فرق بين عبد وعبد، الدنيا هي إللي مش بتنصف هتوديك يمين في شمال وتلسعك ١٠٠ قلم وفي الآخر هتيجي فين؟؟ المسجد، المسجد إللي طول عمرك ما هتلاقي راحة غير فيه لما الواحد يسجد في بيت ربنا على السجادة دي ويعيش أفضل دقايق حياته هيحس قد إيه إن الدنيا دي نقطة في بحر عجايب متيأسش يا بني بسبب فشلت في شغلانة ولا أنفصلت عن خطيبتك ولا حد عزيز ليك توفى،  أنتَ لو أذيت نفسك علشان حد هو مش هينتبهلك كل واحد جاي هنا علشان نفسه مش هستنى الفرحة ولا الخير من حد ليه أعمل كدا وانا عندي قدرة إني أسعد نفسي بنفسي وبالتالي أسعد إللي حواليا، ليه أبقى زيهم وأبقى وحش؟؟

وكأن حديث الشيخ دلف لعقله ليقوم بتخديره فظل صامتًا يستمع لحديثه بإقتناع وقد إجتاحت  السكينة قلبه ليتنفس بأريحيةٍ.

تابع الشيخ حديثه بتساؤل:

_حاسس إن أنتَ أرتاحت شوية من كلامي فإحكيلي عنك شوية وما أفضل إنك تشكي حالك في بيت ربنا.

تنهد "زياد" بحزن وندم قبل أن ينبس:

_انا كنت مبفوتش فرض غير وأصليه ولازم أختم القرآن كل شهر حتى كنت أتجهت إني أحفظه وأعمال خيرية وصدقات وتبرعات كنت شخص لو حد بصله يرتاح ويحبه لحد ما الفلوس لمعت في عيني مع إني مولود في عيلة طبقتها عالية بس الطمع عماني وأنضميت وأسست شركات كبيرة مليانة بالحرام ومكانش هاممني واحدة واحدة بقيت بقرأ صفحة قرآن بالعافية في أسبوع والصلاة مرة أه وعشرة لاء والصدقات وكل دا قطعته لحد ما قطعت كل حاجة لما حسيت إني منافق يعني بشتغل في حاجات غير شرعية وأطلع أصلي وأقرأ قرآن، مجاليش عين أقابل ربنا بالمنظر دا ومع الوقت الشيطان تملكني وبقيت بمشي ورا كلامه لحد ما خسرت كل إللي عملته دا وبقيت زيي زي الكنبة بعد ما أتلم عليا عيلين يضربوني بس تصدق لو رجع بيا الزمن كنت شكرت الشابين دول على إللي عملوه لإني وقتها إكتشفت إللي جنبي بجد وملقيتش حد حواليا وخلوني أفوق لنفسي، فانا عاوز أتغير يا شيخنا قولي أعمل إيه؟

أبتسم له الشيخ قبل أن يردف برزانة وقام بالترتيل بصوتٍ عذب:

_بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ﴾
توب يا بني طالما فيك الروح لسة وفيك قوة إنك تكمل توب باب المسجد مفتوحلك دايمًا وفي أي وقت توب قبل ما يفوت الآوان وترجع تقول يا ريتني إرجع للعادات دي بالتدريج يعني إبدأ صلي الفروض واحدة واحدة وبعدين صفحة قرآن في الأسبوع وبالتدريج إبدأ دخل النوافل علشان تعوض صلاتك إللي فاتت وزود من الصفحات وهكذا لحد ما هتلاقي نفسك رجعت زي زمان وأحسن كمان إنما لو فضلت واقف بعجز كدا وكله بيتقدم عنك مش هيجيب بفايدة، إرجع يا زياد.

رفع "زياد" بصره بدهشةٍ لعلمه إسمه حتى أومأ له الشيخ بتأكيد:

_أيوة زياد، انا عارف إسمك وفاكرك أيام ما كنت بتيجي تصلي الصلاة بوقتها وتحضر أول واحد في المسجد وكنت مليان حماس ليه بقى منرجعش الحماس دا من تاني دا هيبقى وقتها حسناتك إن شاء الله أضعاف ولو حبيت تبدأ الحفظ انا معاك في أي وقت ومعايا شيخ هنا بيجي يحفظ قرآن خد أنتَ الخطوة بس.

ألتمعت عيناه بالدموع وهو يومئ للشيخ بموافقةٍ حتى ربت على كتفه:

_قوم يلا الكلام خدنا لدرجة معاد الصلاة قرب هقوم أجهز علشان الآذان وأنتَ عندك مصاحف أهو بأنواعها إقرأ إللي تعوزه وربنا يثبتك.

أمسك "زياد" يده وهو ينظر له بإمتنانٍ:

_انا مش عارف أقول لحضرتك إيه شكرًا بجد لنصيحتك وكلامك معايا مش هنساه أبدًا.

أبتسم له الشيخ بهدوءٍ:

_مش محتاج شكر منك أنتَ زي نوح إبني الأهم من دا كل يوم أول ما تصحى ردد دي طول يومك "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" وإن شاء الله هيستجيب لدعوتك.

وقف الشيخ بإستعدادٍ حتى يستعد للآذان، بينما وقف "زياد" امام الرف يلتقط المصحف بيدين مرتعشة ليجلس يستند بظهره على الحائط ومن ثم فتح كتاب الله ليقرأ من آياته التي كالسحر تداوي جروح كل مسلم.

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أنتهوا من الحفل حتى أجتمعوا بالخارج فنظرت "سارة" إليهم بسعادةٍ:

_عاوزة أقولكم شكرًا ليكم على وقفتكم جنبي طول الوقت وإنكم تحمسوني للآخر لحد ما كملت ودخلت الكلية إللي نفسي فيها وأتخرجت منها كمان مش عارفة أقولكم إيه.

عانقه "معاذ" يقبل يدها بحبٍ:

_ربنا يحفظك لينا يا سيرو وعقبال ما تبقى أحلى إعلامية في الدنيا.

إبتسمت له "سارة" قبل أن تبتعد وهي تخلع معطف التخرج تلبسه لأبيها بحبٍ وتضع القبعة على رأس والدتها لتقبل رأس كلاهما بحبٍ ولم تنتبه إلى "عادل" الذي قام بتصوير ذلك المشهد للذكرى.

أنتبه الجميع عندما نبس "غيث" بإبتسامة:

_بما إننا في مناسبة قمورة كدا حابب أطلب من عمي نحدد معاد كتب الكتاب، إيه رأيكم؟

نظر "عبدالله" إلى إبنته بإستفسارٍ لتنظر "سارة" إلى إخوتها الذين أومأوا له بحنانٍ فنظرت إلى والدها لتومئ بخجلٍ.

وجه "عبدالله" بصره إلى "محاسن" بتساؤلٍ:

_ها يا حسونة رأيك أنتِ أهم بعد إللي عملتيه فينا، قولتي إيه؟؟

ضحكت "محاسن" بمرحٍ لتجيبه:

_بصراحة في الأول مكنتش متطمناله بس بعد كدا أثبتلي العكس وطلع شهم ومتربي فانا موافقة يا عبده.

وأخيرا نظر إليه بفرحةٍ:

_يلا على خيرة الله وانا كمان موافق.

لم تتحمل والدتها أكثر من ذلك لتطلق الزغاريد بفرحة عارمة، بينما هلل إخوتها.

على الجهة الأخرى نظرت "ملك" بتعجبٍ لصوت تلك الزغاريد لتلتفت إلى مصدر الصوت فعقدت حاجبيها بتعجبٍ:

_واد يا فارس مش دي سارة؟؟

مسح "فارس" على شعره بتوترٍ:

_أيوة يا ملك خلاص.

نظرت "تبارك" إلى "ملك" بتساؤلٍ:

_لاء بقى قوليلي مين سارة دي؟!

توترت معالم "فارس"، بينما نظرت لها"ملك" ولم تستطع إيجاد مفر فأمسكت يدها ليسيرا معًا:

_تعالي أحكيلك وأمري لله وعمو وفارس يجوا ورانا انا أهم حاجة عندي تهدئة النفوس.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وصل "زين" لمنزله فدلف إلى الشقة حاملًا صغيرته على يده لينفزع فور إلتقاط "ورد" لإبنتها منه تعانقها بإشتياقٍ

فأردف "زين" بسخريةٍ:

_ولا أكني مقابلك في محكمة الأسرة يا بت دا هما ساعتين غيبتهم بيها.

ردت عليه "ورد" بغيظٍ:

_بقولك إيه تاني مرة يا تخرجنا انا وهي مع بعض يا مفيش خروج وأخرج مع نفسك بقى.

أشاح لها بيده ومن ثم نظر إلى "آلاء" التي تتابع صديقتها بضحكٍ:

_إزيك يا آلاء نورتينا والله.

أجابته "آلاء" وهي تلتقط حقيبتها تستعد للمغادرة:

_أهلًا يا خويا بعد إيه بقى دا انا ماشية يلا علشان حسحس مستنيني تحت.

أنهت حديثها وهي تخرج من الشقة حتى هبطت السلالم لتجد يقف بسيارته أمام المنزل فتوجلت السيارة بمرحٍ:

_وحشتك يا حسحس؟؟

نظر لها "حسام" بإستهزاءٍ:

_يا شيخة دا الكام ساعة دول كنت مرتاح منك المهم يلا نلحق الدكتور ونشوف الكرنبتين إللي جوا دول هيجوا إمتى.

رفعت "آلاء" حاجبها بتحذيرٍ:

_ولا متغلطش في عيالي ولم نفسك وبعد راحة أما تاخدك يا بعيد إتهد.

أشهر "حسام" بسلاحه أمام وجهها بغضبٍ:

_قسمًا بالله كلمة كمان وهطخ عيارين في نفوخك يجيبوا أجلك وأخش بيكِ السجن وانا مجنون وأعملها فأخرسي لآخر المحطة.

وضعت يدها على فمها كأنها تغلقه:

_أتخرست أهو أما نشوف آخرتها، اول ما نروح هستخدم سلاحي انا وأنتَ عارف وجعه كويس الطاسة هاه ماشي يا حسام.

بعد رحيلها من الشقة جلس "زين" على الأريكة بإرتياح ولكن نظر بتعجبٍ من نظرة "ورد" له بشرٍ فتساءل بإبتسامة:

_إيه يا حبيبتي شايلة طاجن ستك ليه؟

أجابته "ورد" بنبرة مرعبة:

_الطاجن دا انا هكسره فوق نفوخك لو مقومتش دلوقتي خلعت الجزمة.

أجابها "زين" بعدم إكتراث وهو يعيد رأسه للخلف:

_حاضر يا حبيبتي أريح بس دماغي من الصداع دا وهعمل كل حاجة.

أغمض عيناه لدقيقة حتى أنتفض بفزعٍ فور شعوره بمياه باردة تضرب وجهه بعنفٍ:

_آاه إيه يا ورد الهزار البايخ دا.

وضعت الكوب على الطاولة وهي تصيح به:

_علشان انا متعبش وأمسح وأكنس وتيجي أنتَ تبوظ دا في دقايق وعلشان كلمتي مبتتسمعش فروح عند أمك يلا.

توقف عن مسح وجهه وهو يرفع رأسه لها بغضبٍ مما جعلها تبتلع ريقها بخوفٍ مما جعله ينتفض من جلسته وهو يمسك عنق ثيابها من الخلف:

_بت أنتِ انا ساكتلك بقالي كتير تقوليلي روح عند أمك روح عند أمك مين فينا الراجل يا بت لمي روحك بقى بدل ما أتجوز عليكِ.

أمسكت شعره بعنفٍ وهي تصرخ به:

_إبقى إعملها يا زين إبقى أعملها وانا أقتلك وأقتلها وأشرب من دمكوا علشان انا دمي محروق من عملتك بالكوتشي دي فأتمسى وقول يا مسا.

أمسك بأذنها وهو يوبخها، بينما "إسراء" كانت تتابع مشاجرتهما بتعجبٍ وحاجبين معقودتين عن سبب تصرفهما الغير منطقي على سنهما

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

أغلقت الكتاب الذي أشتراه لها "غيث" بمللٍ حتى أنتبهت لمجئ والدته تجلس أمامهت تربت على يدها بحنانٍ:

_إيه يا رزان قاعدة لوحدك يعني جيبتلك شوية سندوتشات وعصير أهو تاكلي حاجة علشان خاطري أكلتك بقت خفيفة.

أمسكت "رزان" منها الشطيرة لتقضم منها دون شهية فجاءت ببالها ذكرى مع أخيها عندما كانوا يجلسوا معًا يتناولون.

"العودة إلى الماضي"

ركض "صهيب" بالشقة وهو يحمل صحنًا مليئ بالشطائر وخلفه "رزان" التي صاحت بتذمرٍ:

_يا صهيب بقى خليني أكل معاك دا مش عدل كدا انا جعانة أوي.

نفى "صهيب" برأسه وهو يتناول الشطائر بنهمٍ:

_سيبيني أكل بمزاج بقى بدل ما أقتلك.

ضربت "رزان" بقدميها بالأرض وهي تصرخ به:

_والله لأوريك يا صهيب ماشي.

قبل أن تذهب أمسك ذراعها يوقفها ومن عانق رأسها أسفل ذراعه:

_خلاص يا بت قلبك أبيض بهزر معاكِ يلا كُلي أهو ألف هنا.

أجلسها على الأريكة وهو يضع الصحن أمامها لتنظر إليه بحبٍ حتى ذهب هو إلى المطبخ يصنع له من جديد.

"العودة إلى الحاضر"

تنهدت "رزان" بمرارةٍ قبل أن تنفجر بالبكاء لتضمها والدته بحزنٍ:

_بس يا بنتي متزعليش نفسك ربنا يرحمهم ويغفرلهم متزعليش يا رزان يا بنتي.

أطلقت العنان لدموعها حتى هبطت كالشلال:

_وحشوني مش عارفة مزعلش لو رجع بيا الزمن كنت حضنتهم  قبل ما يسيبوني لوحدي.

ربتت عليها بمواساةٍ:

_ربنا يرحمهم ويغفرلهم يا حبيبتي وانا والله مش علشان بتعامل عادي وبهزر يبقى مفياش حاجة انا قلبي محروق عليهم وبالذات على بنتي أللي ضاعت مني في ثانية بس هعمل إيه لا البكا ولا الحزن هيرجعهم فكفاياكِ حزن يا رزان.

لم تجبها "رزان" وظلت تبكي بحضنها حتى أغمضت عيناها بإرهاقٍ.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

عاد من المسجد ليصعد إلى غرفته يبدل ثيابه ومن جلس على الفراش ينقر على هاتفه ببحث حتى أتصل على شخص لينتظر رده.

بعد ثوانٍ وصله الرد ليتحدث:

_إسمع الكلام إللي هقولهولك دلوقتي عاوزك تدورلي حوالين حد كدا وتجيبلي كل شبر عنه. 

أجابه الرجل بإحترام:

_أؤمرني يا باشا طبعًا هو مين؟!

نبس "زياد" بالإسم بغموضٍ:

_مـلـك مـحمـود العـزيـزي.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

وأخيرًا عادوا للمنزل بعدما أنتهت الحفل ليرتموا على الأريكة بإرهاق.

صرخ "عادل" بتألم من قدمه:

_يا شيخة وهي الملكة بتتخرج يعني ما كنا عاملنالك حفلة في الشقة وخلاص.

خلعت "سارة" وشاحها بضجرٍ:

_أنتَ من ساعة ما كنا في الطريق عمال تقول كدا حوش يا خويا إللي وراه دكاترة وولادة وبامبرز ودكاترة تاني وسبوع فأتهد بقى مجاتش عليا.

نظرت "هاجر" إلى "إيهاب" بضيقٍ بسبب أنه منذ مجيئه لم ينتبه لها فأنتشلت الهاتف من يده:

_هات بقى علشان أنتَ غايظني من ساعة ما جيت.

أغمض "إيهاب" عيناه بمللٍ:

_هاتي يا هاجر ومتعصبنيش بقى يلا.

نفت برأسها وهي تخبئ الهاتف خلفها:

_لاء يا إيهاب وبصلي وانا بكلمك عاوزاك في موضوع.

أجابها "أيهاب" بضيقٍ:

_وانا عارف الموضوع وأتكلمنا فيه قبل كدا وقولت لاء يعني لاء يا هاجر.

أنتبه له "عادل" ليهمس له بتحذيرٍ:

_لم روحك وصوتك ميعلاش علشان العيلة كلها زي ما أنتَ شايف قاعدين فأتلم.

زفر "إيهاب" ببرودٍ وهو يبتعد عنه قبل أن يقف مبتعدًا إلى الشرفة أسفل نظرات "هاجر" الحزينة التي ألقت هاتفه على الأريكة لتدلف إلى غرفته بضيقٍ.

نظرت "حبيبة" لأثرها بتعجبٍ وهي تهمس لزوجها:

_هما مالهم يا عادل؟؟

نبس "عادل" بسخريةٍ:

_أصلهم طفحوا الفراشات وكانت دِلعة فمتاخديش في بالك يا روحي احنا عندنا مناعة.

هزت رأسها بيأس منه ومن ثم مسدت على بطنها بحنانٍ حتى أنتبه الجميع لوقوف "معاذ" أمامهم:

_جماعة عاوزكم في خبر حلو ما دام الدنيا هادية.

نظر له "عبدالله" بتعجبٍ:

_خير يا ميمو قولنا.

نظر إلى "سارة" التي أبتسمت له بتشجيعٍ، فتابع بتوضيحٍ:

_انا إن شاء الله قررت.. أتجوز.




#يُتبع
#مُدَاوِي_هَزِيمَتِي





Comment