SILENT EYES | 08


الفصل الثامن | الرحلة |
                

بعد سماع إجابتها صرخت بتعجب .

" ماذا؟ "

لمحت الإستغراب في صوتها حين سألت .

" و ماذا في الأمر؟ "

تداركت فعلتي ثم بررت بكل هدوء .

" لا شيء ، استغربت من الأمر لأنني ظننت أن أخاك شخص بارد و لايهتم بأشياء كهذه ."

ضحكت كاميليا ثم نطقت و الضحكة تتخلل حديثها .

" فقط لو رأيت أخي ليو كيف بكى و أصر عليه كي يذهب معه ، على الرغم من أن ألكس رشاه بالنقود و الألعاب إلا أنه لم يقتنع بل زاد إصراره في الذهاب معه ."

تملكني الفضول عن ردة فعل ألكس فسألتها مستفسرة .

" كاميليا أخبريني كيف كانت ردة فعل أخاك عندما أخبره ليو بأنه الشخص الوحيد القادر على الذهاب معه للرحلة؟ "

عندما أنهيت كلامي أجابتني على الفور .

" سأخبرك بكل شيء من الأول ، أول مرة سمعنا بأمر الرحلة كنا على طاولة العشاء و صادف يومها أن أخي ألكس كان جالسا معنا على الطاولة و على غير عادته فهو دائما ما يتناول عشائه خارجا لأن موعد دخوله للمنزل يكون بعد انتهائنا من العشاء بساعات ، فاتحنا بالموضوع و طلب من أمي مرافقته و رفضت لأن لديها موعدا في مركز التجميل مع أمك ، ثم بعدها التفت إلي و رفضت لأنني أعلم أن مديري لن يسمح لي بأخذ إجازة لأننا في فترة ضغط و بالتأكيد سيطردني إن قلت له أنني أريد أخذ إجازة أسبوع كامل ."

تريثت كاميليا في كلامها ، لوهلة ظننت أنها توقفت عن الحديث .

" كاميليا أكملي أنا أسمعك ."

جائني صوتها من وراء الهاتف .

" ظننت أنني فقدت الإتصال بك ."

بعدها أكملت حديثها بهدوء .

" و بعدما عرف أنني لن أذهب معه لم يبق لديه شخص آخر يذهب معه إلا أخي ألكس ، أخبره بعدها أنه الشخص الوحيد الذي سيذهب معه و إلا لن يذهب لتلك الرحلة ، رفض في البداية لكن إصرار ليو أرغمه على الموافقة ."

ضحكت بخفوت عليهما ثم أبديت رأيي .

" كم هما لطيفان ."

أجابتني كاميليا مصححة كلامي .

" تقصدين أن أخي ليو اللطيف لأن ألكس لايمت للطافة بِصلة ، لكنني أعترف أنه رغم بروده و عجرفته إلا أنه يمتلك قلبا لطيفا داخله ."

أجبتها مستغربة .

" و ما الذي أدراك أنه يمتلك قلبا لطيفا؟ "

تنهدت و هي تجيب و كأنها تتذكر ذكرى بعيدة .

" أذكر أنه عندما كان أخي ليو يبلغ العامين من عمره سقط مغشيا على الأرض و توقف عن التنفس و توقف قلبه عن النبض ، ظننا أننا فقدناه و مات ، لكن طمئننا الطبيب أنه حدث له توقف قلبي رئوي بعدها دخل في غيبوبة دامت ثلاثة أيام متتالية و بعد تشخيص الأطباء له أخبرونا بأن لديه فشل على مستوى القلب ، لازلت أذكر الليلة التي رجع فيها ليو من المستشفى كيف بكى ألكس بحرقة و خفية في غرفته و كيف سهر معه للصباح و هو متكأ بجانب سريره ، في ذلك الوقت كنت صغيرة ربما كان عمري يقارب عمر ليو الآن ."

توقفت فجأة عن السرد و أجزم أنني سمعت شهقاتها الخافتة خلف الهاتف ، صمتت لبرهة ثم نطقت عندما طال صمتها .

" كاميليا هل أنت بخير؟ "

أجابتني بعد أن هدأت من بكائها .

" أجل أنا بخير ، لكنني عندما تذكرت ماجرى تأثرت قليلا لأنها كانت مرحلة عصيبة علينا ."

أضفت مستفسرة بقلق .

" و كيف هو حال ليو الآن؟ "

نطقت بهدوء .

" الآن هو بخير ، أخبرنا الطبيب أن قلبه ضعيف و لكن يتسطيع العيش مادام قلبه ينبض و لايتعرض لصدمات التي من الممكن أن توقف قلبه بخلاف ذلك لاداعي لأن نقلق إطلاقا ."

تنفست الصعداء بعدما سمعت أن صحة ليو بخير ، بعدها أضافت كاميليا ممازحة .

" و الآن دعينا من سيرة أخوَي ، هيا لنتكلم في موضوع آخر ."

" و ماهو الموضوع الذي تريدين التحدث فيه؟ "

تريثت كاميليا قليلا ثم أضافت .

" حسنا أنا لم أخبرك بهذا من قبل لكنني أواعد ."

انصدمت من الخبر لأنها أول مرة تشاركني فيها بأشياء تخصها ، أجبتها بسعادة .

" أوه هذا خبر جيد ، و منذ متى و أنتما تتواعدان يا آنسة؟ "

كم سعدت من أجلها عندما أخبرتني أنها تواعد ، واضح أنها تحبه كثيرا فنبرة صوتها تغيرت حالما بدأت في الحديث عنه .

" تقريبا نحن نتواعد منذ سنة ."

لم تكفني ردودها المختصرة فأردت الإستفسار أكثر .

" إذا أخبريني كيف هو معك؟ و بالمناسبة ماهو اسمه؟ "

من شدة حماسها أجابتني فورا و بدون انقطاع .

" اسمه هانتر ، هو شخص هادئ و بارد مع الأخرين لكن معاملته لي مختلفة فهو يعاملني برقة و حنان و يعرف جيدا كيف يجعلني سعيدة ، أوه نسيت أن أصف لك كيف يبدو شكله ، هو شخص مثير و وسيم طويل و لديه أكتاف عريضة و جسم رياضي ، عيونه خضراء واسعة و يمتلك شفاها ممتلئة بالمختصر مواصفاته تطابق معاييري بالضبط ."

أجابتها بمرح .

" سعيدة من أجلك لأنك وجدت حب حياتك ، أتمنى أن تدوم علاقتكما للأبد ."

نطقت بإمتنان .

" أشكرك يا صديقتي و أتمنى لك المثل مع ماتيوس ."

عندما ذكرت اسمه قلبت عيني بملل و تمنيت في قلبي أن لا تتحقق أمنيتها أبدا لأنني لا أريده ، أنهيت بعدها المكالمة معها سريعا بحجة أنه يجب علي الإستيقاظ باكرا غدا للذهاب للرحلة ، بعدها نهضت من فراشي و ذهبت كي أستحم و عندما أكملت الإستحمام وضعت مرطبا في كامل جسدي ثم اتجهت لمنضدة الزينة كي أفرد شعري استعدادا ليوم غد ، عندما انتهيت كان طاقة جسمي انتهت و اتجهت مباشرة لفراشي استلقيت فيه ثم بدأت في التفكير في يوم غد و ما الذي يجب علي ارتداؤه و هل ستكون هناك فتيات في عمري أم سأبقى بمفردي لم أفكر كثيرا فبعدها غططت في نوم عميق لم أستيقظ بعدها إلا على صوت المنبه القوي الذي وضعته على تمام الساعة السادسة .

" إيلين هل أنت مستيقظة؟ "

عندما استقمت من الفراش سمعت صوت طرق أختي في باب غرفتي .

" أجل أنا مستيقظة ."

انصرفت بعدها أختي نحو غرفتها فقد سمعت باب غرفتها يقفل بعد دخولها إليها ، نهضت بعدها من فراشي بحماس شديد و اتجهت نحو الحمام كي أغسل وجهي و بعدها نزلت للمطبخ كي أتناول فطوري ، تناولت بيضا مقليا مع طماطم و كأس عصير وجدت أيضا أمي مستيقظة تجهز الفطور لأبي الذي سيوصلنا أنا و روز ، صعدت لغرفتي بعدما أنهيت تناول فطوري و بدأت في تجهيز نفسي ، ارتديت سروالا بيج مع قميص بيج أيضا و أضفت له معطفا بنيا فاتحا و قبعة صوفية بيضاء و أسدلت شعري بعدها حملت حقيبتي ثم نزلت إلى الأسفل حيث وجدت أختي روز واقفة أمام الباب و بجانبها حقيبتها في انتظار أبي ، توجهت نحو حاملة الأحذية الموضوعة عند مدخل الباب ثم ارتديت حذاءً أسود و في تلك اللحظة انضم إلي أبي ثم ارتدى حذائه ودعنا أمي التي كانت تجهز نفسها للذهاب مع السيدة فينريش إلى مركز التجميل بعدها توجهنا خارجا ، وضعنا بعدها حقائبنا في السيارة ثم انطلقنا متجهين نحو مدرسة أختي لأنها الوجهة التي سنلتقي فيها جميعا .

" أنت فتاة راشدة و ليس علي تذكيرك بأنه يجب عليك الإعتناء بأختك و مراقبتها في كل دقيقة و إياكي أن تغفلي عنها و لو للحظة ، و لاتنسي أن تتصلي بنا كل يوم كي نطمئن عليك و علي أختك ."

أنهى والدي كلامه و هو ينظر لي بجدية محدقا في عيني ، أومأت له موافقة على كلامه بعدها صدح صوت أختي روز .

" أريد أن نذهب للسوبرماركت ، لأني أريد شراء بعض المأكولات كي آكلهم خلال الرحلة ."

نظر لها أبي بطرف عينه من المرآة الأمامية العاكسة لصورتها .

" و هل تظنين أن الوقت مناسب لشراء كل هذه الأشياء؟ "

حدقت به روز بعينين تحملان رجاءً كي يقبل و يأخذها لشراء ماتريد ، استسلم أبي في الأخير و انعطف يمينا حيث يقع السوبرماركت ، قررت مرافقتها إليه كي أشتري أنا أيضا ، فأنا متأكدة أن الطريق سيكون طويلا و مملا لذا يجب أن أشغل نفسي بالأكل لأنه أفضل وسيلة لتلهية نفسي و نسيان طول الطريق ، نزلنا من السيارة و اتجهنا نحو المحل ، اشتريت الكثير من أكياس رقائق شيبس و المأكولات الخفيفة و اشترت أختي نفس مشترياتي تقريبا ، بعدها استغرقنا عشر دقائق كي نصل للمكان الذي أخبرتنا به المعلمة أن نلتقي فيه ، عند وصولنا لمحت الكثير من العائلات التي تنتظر مع أبنائها .

" إنها صديقتي أيلا ."

نطقت روز بإندفاع و هي تنظر من النافذة ، ركن أبي السيارة جانبا ثم نزلنا منها و أنزلنا حقائبنا و اِنضممنا إلى العائلات التي تقف أمام الحافلات التي سنذهب فيها في انتظار قدوم منظمي الرحلة ، ذهبت أختي مسرعة إلى صديقتها أيلا أما أنا فبقيت واقفة مع أبي ، في تلك اللحظة أتى منظمي الرحلة و بدأوا في تنظيمنا و توزيعنا على الحافلات ، لسوء حظ أختي لم تستطع الذهاب مع صديقتها في نفس الحافلة في تلك الأحيان لمحت ألكس الذي كان يقف بجانب أخيه ليو ، الذي صدمني أكثر أنني أول مرة أراه بلباس عادي غير البذلة الكلاسيكية التي اعتدت أن أراها عليه ، كان يرتدي قميصا أحمرا و سروالا أسودا و أضاف سترة جلدية سوداء و نظارة شمسية زجاجها أصفر كان يبدو وسيما ، بعدها حولت بصري لليو و الذي حالما لمحته روز احمرت وجنتيها و بدأت في محاولة الهروب و فك يدي من يدها .

" دعيني ، افلتي يدي ."

استغربت من طلبها في البداية لكن سرعان ما اتضح لي الأمر عندما أضافت .

" أريد الذهاب لليو ."

لم أفلت يدها بل ضغطت على يدها كي أمنعها من الذهاب إليه .

" روز أصمتي سيرانا أبي و سنقع في مشكلة كبيرة ."

لم تستسلم بل استطاعت فك يدي و ذهبت مسرعة نحوه ، كان ليو يقف بالقرب منا لذا استطعت سماعها و هي تتحدث معه .

" صباح الخير ليو ."

قالت جملتها و هي تطأطأ رأسها من شدة الخجل ، استطعت رؤية اللمعة التي اجتاحت عيون ليو عند رؤيتها .

" أهلا روز ، كيف حالك؟ "

خاطبها بلهجة تنم عن فرحه عند رؤيتها ، أيعقل أنهما واقعا في حب بعضهما البعض؟ في تلك الأحيان استدرت كي أرى إن كان أبي قد لاحظ عصافير الحب أم لا ، تنفست الصعداء عندما وجدت سيارته قد انطلقت و ذهب بعيدا ، اِنتظرته حتى اِختفى من مجال بصري ثم اِلتفتت نحوهما .

" أنا بخير ، ليو أنظر ماذا اشتريت لك ."

فجأة فتحت حقيبة ظهرها و بدأت في إخراج المأكولات التي اشتريناها منذ قليل ، مد يده كي يأخذ واحدة ثم صفعتها روز .

" لا ليس الآن ، انتظر حتى نركب الحافلة و ننطلق عندها يمكننا الأكل ."

نظر لها ليو بطرف عينه بغضب و هو يتلمس بيده مكان الصفعة ، حولت بصري بعدها نحو ألكس الذي كان يتأملهما و أجزم أنني رأيت شبح ابتسامة يرتسم على شفاهه ، بعدها ابتسمت لا إراديا و في تلك اللحظة نظر لي ألكس ، توترت و حولت بصري بعدها نحو الصغيرين لا أدري لما تجنبت النظر إليه ، فجأة صدح صوت معلمة روز و هي تنادي عليها .

" روز هاميلتون اِتجهي نحو الحافلة رقم ثلاثة ."

اتجهت إليها كي نذهب نحو الحافلة ، أمسكت بعدها روز بيد ليو و سبقتني نحو الحافلة .

" هيا ليو لنذهب ."

نظرت نحو المعلمة التي أوقفتهما عن دخول الحافلة .

" انتظر ليو أنت لست من ضمن ركاب هذه الحافلة ."

كان ليو على وشك التراجع و إفلات يد روز لكن كان لأختي رأي آخر .

" ما الذي تقصدينه بأن ليو ليس من ضمن ركاب الحافلة؟ "

صرخت أختي بغضب و بعدها تفقدت الناس حولنا و وجدتهم ينظرون لنا باستغراب بعدها تدخلت لإيقافها .

" روز يكفي أفلتي يده و دعينا نصعد ."

لم تفلت يده بل اِنفجرت باكية و بدأت دموعها في الإنهمار و ليو ينظر لها بصدمة .

" لن أفلت يده لأنه سيركب معي ، أنت تريد أن تصعد بجانبي أليس كذلك؟ "

أنهت كلامها و هي تنظر لليو الذي نظر لها مصدوم من حالتها التي وصلت لها ، عندما طال صمته نطقت بنفاذ صبر .

" أجبني هل تريد أن تجلس بجانبي أم لا؟ "

أومأ لها ليو برأسه ثم نظر للمعلمة و نطق بصوت منخفض .

" أجل أريد الجلوس لأننا سنتقاسم الأكل الذي أحضرته ."

هل يريد الجلوس معها من أجل الأكل الذي أحضرته أم لأنه يعجبه تواجدها معه؟ صرخت المعلمة في وجهيهما بقوة .

" لن أكرر كلامي ، روز اِصعدي و أفلتي يده ."

رفضت أختي ترك يده ، واضح من تصرفاتها كم هي معجبة به ، في تلك الأحيان تدخل ألكس كي يتكلم مع المعلمة .

" اسمحي لي يا آنسة ."

التفتت له المعلمة ، اقترب منها ثم نظر نصب عينيها و تكلم بكل ثقة .

" إن لم تتركيهما يركبان سويا سيبكيان طوال الرحلة و نحن لانريد إزعاج الركاب أ ليس كذلك؟ "

نظرت له المعلمة بحيرة و كانت على وشك الإعتراض .

" لكن .. "

أمال ألكس رأسه قليلا ثم نظر لها بنظرة هادئة و إبتسامة رقيقة أُقسم أنها تجعل أي فتاة تقع في حبه لو رأته على هذه الحالة ، لكن هذه الفتاة كانت ليست أنا بل المعلمة التي شردت به وبادلته الإبتسامة لا إراديا .

" حسنا يمكنكما الصعود معا ، لكن لا أريد أي إزعاج خلال الرحلة مفهوم؟ "

مسحت روز دموعها بكفها ثم أومأت برأسها عدة مرات تؤكد لها كلامها ، صعدا الحافلة بسرور ثم تبعتهما و عندما التفتت كي أرى المعلمة التي لم تصرف بصرها عن ألكس تعثرت و اِلتوت رجلي و عندها أسرع ألكس و أمسكني كي لا أسقط .

" أنظري أمامك آنسة فنري ."

رفعت بصري كي أرى وجهه وجدته يلمحني بنظرات كلها سخرية ، عندها سمعت أختي تتكلم بصوت مرتفع مع ليو .

" كأنه مشهد من فيلم عندما يمسك البطل بالبطلة و يمنعها عن السقوط ."

يا إلهي ما هذه الفتاة؟ من أين أتت بكل هذه الأفكار؟ قطع أفكاري صوت ألكس الذي تكلم بصوت غير مسموع .

" هل تنوين البقاء في حضني للأبد؟ "

عندما أنهى جملته اِحمرت وجنتاي و اِستقمت فورا ، صعدت الحافلة و تبعني بعدها ألكس ، وجدت روز و ليو جالسين بجانب بعض عندما لمحتني نطقت بصوت مسموع .

" اِذهبي و اِجلسي بعيدا لأن ليو من سيجلس معي طوال الرحلة ."

هل استغنت عني للتو من أجل صديقها؟ فقط لو تعلم أنه جالس معها أجل حقيبتها و مايوجد بداخلها و ليس من أجلها ، لم أشأ أن أعارضها كي لا تبدأ بالبكاء ثانية فذهبت و اِخترت مقعدا ورائها تماما و بجانب النافذة ، لم أشأ أن أبتعد عنها كي تبقى قريبة من ناظري ، عندها أتى ألكس و أشار لمقعدي .

" هل يمكنني الجلوس آنسة فنري؟ "

نظر لي بكل هدوء ، اِستفزني لقب فنري الذي تفوه به للتو .

" اسمي هو إيلين إن كنت قد نسيت ."

نظرت له بكل برود بعدها ظهر شبح ابتسامة ساخر على وجهه .

" و أنت ستصبحين السيدة فنري إن كنت قد نسيتِ ."

لم أشأ أن أجيبه لأن هذا الموضوع يستفزني ، كرر علي سؤاله الذي طرحه منذ قليل .

" إذا هل أستطيع الجلوس؟ "

نظرت له و لم أشأ أن أعترض فأنا متأكدة أنه سيجلس معي و بالقرب من أخوه لنفس سببي ، رددت باقتضاب .

" أجل . "

عندما جلس بقربي عبرت أنفي رائحته الرجولية التي كانت عالقة في ملابسه أعربت عن إعجابي بصوت منخفض و بوعي مسلوب .

" رائحة جميلة ."

بعدما أفقت من شرودي انتبهت لما تفوهت به للتو وضعت يدي على فمي و أدرت رأسي راجية أن لا يكون قد سمعني .

" Sauvage ."

نطق هذه الكلمة بهدوء و عندما التفتت وجدته ينظر لي و كأنه يوجه كلامه لي ، استغربت لما تفوه فجأة بكلمة فرنسية .

" ماذا؟ "

لم يبعد عينيه عني بل لفظ كلامه ساخرا .

" اسم الرائحة التي أعجبتك ."

اِحمرت وجنتاي ثم أشحت وجهي بعيدا بخجل و لم أجرأ بعدها على الإلتفات إليه ، يا لي من فتاة! منذ متى أشرد بأشياء تخص الرجال ، علي التركيز و التصرف بعقلانية و رزانة ، بعدما انطلقت الحافلة بدأ الهواء بلفح وجهي ، أغلقت النافذة كي لا أصاب بالزكام ثم فتحت حقيبتي و أخرجت منها كتابا كي أطالعه خلال فترة الرحلة ، أخرجت سماعاتي ثم وضعت موسيقى هادئة فأنا أحب الموسيقى الهادئة لأنها تبعث شعورا بالإسترخاء .

" لم أكن أعلم أنك من هواة المطالعة ."

رفعت بصري إليه كي انظر إليه فوجدته يحدق بالكتاب الموضوع في حجري ، ظننت أن الموسيقى ستحجب عني ضوضاء العالم لكنني كنت مخطئة .

" أجل أنا أحب المطالعة و أين الغريب في ذلك؟ "

مد يده نحوي كي أمرر له الكتاب ، أعطيته الكتاب بعدما وضعت فاصلا كي أحفظ الصفحة التي كنت أقرأها .

" لم أقل شيئا ، أنا أيضا من هواة المطالعة ."

ماذا؟ مستحيل ! كيف لشخص مثله أن يقرأ كتابا ، طالعته بنظرات مصدومة من كلامه تفحصت صدقه من نظراته ، كانت نظراته هادئة و لا توحي بأنه يكذب .

" لا تبدو شخصا قد يفتح كتابا ."

أرجع لي الكتاب حين قرأ عنوانه ، طالعني بعينيه العسليتين كخاصتي ثم طرح سؤاله بهدوء أيضا .

" و كيف أبدو لكِ يا آنسة؟ "

لا أدري لما لكن هدوءه هذا الغير معتاد جعلني مرتاحة بالحديث معه ، تحدثت فورا و أنا أنظر لعينيه الهادئتين .

" تبدو شخصا باردا و غير مبالٍ و ليس لديك مشاعر و أيضا تبدو شخصا منظما و دقيقا في مواعيدك و تهتم  بعملك ، و لكن لا تبدو على الإطلاق أنك شخص مثقف و تطالع الكتب ."

ظهر شبح سخرية على فمه ، رمقني بطرف عينه و هو يتحدث .

" هل اِتهمتني للتو أنني شخص غير مثقف؟ "

سارعت أنفي شكوكه .

" لا على الإطلاق ، كنت أقصد أنك تبدو شخصا لا يقضي وقته في مطالعة كتاب بل يفضل الخروج خارجا مع أصدقائه ربما ."

لا أدري من أين أتيت بهذه الثقة لأشخصه بهذه الطريقة ، ليس و كأنني أعرفه جيدا و مقربة منه لأبدأ في الحديث عنه هكذا ، أجابني و هو ينظر أمامه .

" إذا أنت لا تعرفيني جيدا ."

أشحت وجهي انظر للنافذة حين أضاف .

" أنت تعلمين أن هذا الكتاب يحكي عن كيفية التعامل مع الجنس الآخر صحيح؟ "

هل يعرف كتاب نساء من الزهرة و رجال من المريخ؟ أدرت رأسي نحوه تريثت قبل أن أجيبه .

" أجل لقد سمعت بهذا من قبل ."

نظر لي ساخرا مجددا ، ما الذي ينوي قوله لي هذه المرة؟ صمتت أنتظر رده الساخر .

" إذا فأنت تتطلعين لعلاقة صحية و مثالية مع خطيبك ماتيوس أليس كذلك؟ "

ماذا؟ حرفيا لم أتوقع هذا الكلام منه ، كم هذا محرج! لو كنت أحبه فلابأس بهذا لكنني لا أحبه فكيف لي أن أتطلع لعلاقة مثالية معه؟ بالإضافة إلى أنه لم يتصل بي إطلاقا منذ أن سافر ، أجبته و أنا أقلب عيني بملل .

" لما عليك أن تربط كل شيء بماتيوس؟ أنا أقرأ الكتب منذ أن كنت صغيرة و بدأت في قراءة هذا الكتاب قبل أن أتعرف على ماتيوس حتى ."

ابتسم بخفة لأنه قام بإغاضتي ، لا أدري ماخطبه ، كلما أعجبني الوضع و بدأنا نتكلم بهدوء إلا و قام بجلب سيرة ماتيوس اللعين إلى كلامنا ، أرجعت سماعاتي إلى أذني و فتحت الكتاب مجددا و عزمت أن لا أتحدث معه ، لم يطل كثيرا إذ أضاف .

" أخبريني إذا أي نوع كتب تحبين قراءتها؟ "

نظرت له بطرف عيني بغضب لم أشأ أن أتحدث معه في البداية لكنني لم أستطع مقاومة نفسي فهذه المواضيع هي نقطة ضعفي و التي إن تحدثت فيها لقرن لم و لن أمل أبدا و خصوصا أنني وجدت شخصا من محيطي يشاركني نفس اهتماماتي .

" أحب قراءة الروايات و أحيانا كتب تطوير الذات أو الكتب التي تتحدث عن المال و كيفية إدارة الوقت هذه تقريبا الكتب التي تستهويني ."

وجدت نفسي تلقائيا أستدير نحوه و أتحدث باندفاع متناسية غضبي منه ، أومأ لي برأسه كإجابة بعدها تريثت قبل أن أضيف و أسأله .

" ماذا عنك؟ "

نظرت له أنتظر منه إجابة ، شخَّص بصره بعيدا ثم أجابني باهتمام .

" أحب قراءة الروايات أيضا لكن ليست كل الروايات تعجبني و تستهويني ، فمثلا لا تعجبني الروايات الدرامية أو الرومانسية لأن الحب ليس من اهتماماتي ."

إذا هو شخص لا يهتم بالحب ، كثيرا ماتسائلت في نفسي إذا ماكانت كتلة الجليد الجالسة أمامي تحب أو تواعد لكنني حصلت على إجابتي أخيرا ، نطقت معارضة له .

" أنا أيضا لا أهتم بالحب لكنني أحب مطالعة الكتب الرومانسية خصوصا التي فيه وصف شديد للمشاعر التي تجتاح الشخص الواقع في الحب ، رغم أنني لم أجربه من قبل لكنني أود تجربة الشعور بتلك المشاعر التي أقرأ عنها ."

أظن أنني تماديت قليلا في التعبير عن نفسي ، هذه هي طبيعتي التي لن تتغير فأنا لا أستطيع التحكم بلساني في هذه المواضيع ، رفع حاجبيه باهتمام ثم فتح فمه مبديا رأيه .

" شيء جميل أن تقعي في الحب لكنه يكون أجمل عندما تجدين الشخص المناسب ، أتمنى أن تجديه قريبا ."

شكرت الرب لأنه لم يفتح سيرة ماتيوس مجددا ، ابتسمت له ابتسامة خفيفة ثم أكملت الحديث معه .

" إذا أخبرني ماهو النوع الذي تحب قراءته في الروايات؟ "

نظر لعيني بهدوء ثم أجابني .

" أحب الروايات البوليسية الغامضة ، أحب الغموض و الإجرام و الروايات التي تجعل عقلي يعمل كأنني محقق ، كروايات أغاثا كريستي ."

فتحت عيني بانصدام .

" أتقرأ روايات الكاتبة أغاثا كريستي؟ "

أجزم أنني رأيت لمعة في عينيه العسليتين عندما فتحنا موضوع المطالعة ، واضح كم هو مهتم بها ، ابتسم بخفة و هو يجيب .

" بالطبع ، فمن يقول روايات بوليسية يقول أغاثا كريستي ، يعجبني أسلوبها في السرد و كيف أنها تجيد إخفاء التفاصيل بحيث أنك لا تستطيع تخمين أي شيء و يبدو لك كل شيء غامض ، أفضل رواية لها قرأتها اِسمها ثم لم يبق أحد ."

صرخت بانفعال .

" أنت تمزح صحيح؟ "

نظر في وجهي باستغراب .

" و لما قد أمزح معك؟ "

تداركت فعلتي عندما اتجهت أنظار الجميع نحوي ، أجبت بحماس و أنا أنظر لعيني ألكس .

" لأنها بالنسبة لي أيضا أفضل رواية من بين رواياتها ، لم أعلم أننا نحب نفس الرواية ."

تناقشنا بعدها عن أحداث الرواية و تحدثنا بكل شغف و اكتشفت جانبا جديدا منه غير جانب البرود و الجدية ، أول مرة في حياتي أحب الحديث مع شخص ما ، عندما هدأ بيننا الحديث تذكرت المأكولات التي أحضرتها معي ، فتحت الحقيبة ثم أخرجت منها كيسين للشيبس بطعم الشواء لأنه ذوقي المفضل ، نظرت بطرف عيني لألكس ثم مددت يدي نحوه .

" أتريد؟ "

نظر لي ثم حرك رأسه لليمين و اليسار بنفي .

" لا ، لا أريد ."

نظرت للشيبس الذي في يدي بأسى ثم أضفت .

" ستندم إن لم تأخذه فهو لذيذ جدا ."

كرر علي نفس الجملة التي تفوه بها منذ قليل .

" إيلين أنا لا أريد ."

قوست شفتاي بحزن ، أريده أن يجربه و يعطيني رأيه ، بعدها أكملت غير مستسلمة .

" كُل قضمة منه و إن لم يعجبك تستطيع إعطائه لليو ."

ناظر السقف بنفاذ صبر ثم وجه عسليتيه نحوي .

" كم أنتِ عنيدة ! "

أخذ كيس الشيبس من يدي ثم بدأ في أكله ، أخذ قضمة منه ثم رفع حاجبيه ، علمت حينها أنه أعجبه لم يطل كثيرا إذ أعرب إعجابه به سريعا .

" لذيذ ."

ابتسمت برضى و أنا أنظر إليه باستمتاع .

" كنت متأكدة أنه سيروق لك ."

أكملت أكله و أنا أتأمل في النافذة بفرح ، و لكن لم تدم فرحتي طويلا فقد توقفت الحافلة فجأة بسبب وجود مطبة على الطريق فتبعثرت مني جميع حبات الشيبس على الأرض ، صرخت بذعر .

" لا ! "

لم أستطع إعادتهم للكيس و أكلهم لأنهم اِتسخوا و أصبحوا غير قابلين للأكل ، سمعت ألكس يضحك علي ، لم يرقني اِستهزائه و ضحكه علي .

" ما الشيء الذي يضحكك؟ "

كانت أول مرة أسمعه يضحك ، بعدها جلست أنظر له ثم انفجرت ضاحكة أيضا على حظي التعيس لكنني انتحبت بعدها بحزن .

" كنت مستمتعة بأكله بحق ."

توقف عن الضحك ثم نظر لي و على فمه ابتسامة خفيفة .

" يمكنك مشاركتي بأكله ."

مد يده ثم وضع كيس الشيبس في الوسط بيننا ، لم أمانع مشاركته على الإطلاق ، أكملنا أكله ثم ألقيت نظرة على روز ، وجدتها نائمة و ليو يشاهد الرسوم المتحركة في لوحه الإلكتروني ، رجعت لمكاني ثم وضعت سماعاتي و اِتكأت برأسي على النافذة ، لم يمر كثيرا من الوقت إذ توقفت الحافلة المدرسية بنا بعد ربع ساعة تقريبا معلنة وصولها إلى المنتجع السياحي .

" لقد وصلنا ."

وقفت معلمة روز في المنتصف ثم بدأت في إعطاء تعليماتها كأن نبقى في مجموعة واحدة و أن نتبع تعليماتها و تعليمات المرشد السياحي حين نخرج في جولة ، نزلنا من الحافلة أخيرا ثم أخذ كل واحد منا حقيبته و أعطت المعلمة للكبار و لكل واحد منا مفتاح جناحه كي يذهب له ، بعدها دخلنا المصعد أنا و روز ألكس و ليو و صديقة أختي أيلا و أختها ، كان كل مايسمع في المصعد هو حديث روز و أيلا أما أختها فكانت صامتة طوال فترة ركوبنا في المصعد و لم تتحدث معنا بل كانت واضعة لسماعاتها و من حين لآخر تنظر لألكس و أخوه لكنني لم أكترث لها كثيرا ، في تلك الأحيان أصدر المصعد طنينا يدل على وصولنا للجناح ، من خلال الرقم الموجود على المفتاح عرفت أنني في الجناح رقم عشرة أما ألكس فكان في الجناح رقم إثنا عشر أما بالنسبة لأخت أيلا فكانت في الجناح رقم إحدى عشر الذي يقع بجانبي و الذي يقع بيني و بين جناح ألكس ، كان المنتجع ضخم بمعنى الكلمة و تصميمه مميز و كان الأثاث الموجود فيه ذهبي فخم ، كل طابق يحوي رواق و في الرواق الواحد توجد ثلاثة أجنحة في جهة واحدة كحد أقصى ، راقبت ألكس يدخل جناحه و يجر حقيبته ورائه بعدها دخلت الجناح أنا و أختي روز .

" الجناح رائع ، سأذهب لأختار الغرفة الجميلة أولا ."

ركضت بعدها أختي مسرعة تتفقد الغرف ، حرفيا كان كل شيء رائع كما قالت أختي ، كان الجناح يضم غرفتين و غرفة جلوس صغيرة بعض الشيء ، كان الأثاث ذهبي أيضا كما وجدناه خارجا ، بعدما اختارت أختي الغرفة التي أعجبتها ذهبتُ للأخرى كي أبدأ في ترتيب أشيائي ، بعد ربع ساعة صدح صوت مكبر صادر من غرفة الجلوس .

" أهلا بكم جميعا في المنتجع السياحي ، آمل أن تكون الغرف قد نالت إعجابكم ، أود إعلامكم أننا سنذهب للغداء في مطعم خلال خمس دقائق ، سنلتقي في مدخل المنتجع ، أرجوا أن تأتوا في الموعد ."

بعدما أنهت المعلمة خطابها في مكبر الصوت ، توجهت نحو المرآة الموجودة في غرفتي كي أعدل شعري ، فأنا لا أنوي تغيير ملابسي لأنها مناسبة و لأنني لا أملك الكثير من الوقت ، بعدما أنهيت تعديل شعري وضعت القليل من أحمر الشفاه ثم اتجهت نحو غرفة روز كي أتفقدها .

" روز هل أنت جاهزة؟ "

طرقت الباب ثم دخلت لأجدها تغير في ملابسها إلى فستان وردي .

" روز توقفي لا تغيري ملابسك ، ملابسك التي أتيت بها مناسبة جدا لاداعي لتغييرها ."

أمسكت بها في الدقيقة الأخيرة ، نزعت منها الفستان الوردي و أحضرت لها معطفها الأحمر كي ترتديه .

" لكن صديقتي أيلا قالت بأنها سترتدي فستان إلسا الأزرق ."

يا إلهي! طفلة صغيرة و تهتم بنفسها أكثر مني ، جلست أمامها على السرير ثم تحدثت معها بهدوء .

" أشك في أنها سترتديه لأن البرد شديد الآن ، أنصحك أن تخبئي فستانك الوردي و تحتفظي به لحفلة أو سهرة أفضل من أن ترتديه الآن و تذهبي لتناول الغداء ."

بدت مقتنعة بما قلته لها ، اتجهت نحو غرفتي كي أضع القليل من العطر بعدها ارتديت حذائي و حملت هاتفي ثم ناديت على أختي كي ننزل للأسفل ، بعدما خرجنا أقفلت باب الجناح و اِستدرت متجهة نحو المصعد ، صادف خروجنا خروج أيلا و أختها من الجناح ذهبت روز راكضة نحو أيلا ، لمحت أختها التي نظرت لي من الأعلى إلى الأسفل ببرود ثم حولت بصرها لهاتفها ، كانت ترتدي تنورة قصيرة سوداء و قميصا صوفيا أصفر اللون و معطفا أسودا ، الذي لفت نظري هو تبرجها المبالغ فيه كان كل شيء فيها مزيف من أظافر إلى رموش إلى خصلات شعرها كلها تركيب و كانت تبدو من النوع اللئيم و المغرور من البنات ، لم أنظر لها أبدا من بعد النظرة التي رمتني بها منذ قليل ، صعدنا المصعد ثم نزلنا منه عند وصولنا ، كان الجميع متواجد هناك ، اِنضم بعدها ليو إلى روز و أيلا ، عندما تأكدت المعلمة من وجودنا جميعا نطقت بصوت مرتفع كي تلفت انتباهنا .

" أهلا بكم مجددا ، سنذهب الآن لتناول الغداء في مطعم متواجد بالقرب منا لذا سنذهب مشيا على الأقدام ، الرجاء أن تلتزموا الهدوء في الشارع و أن يمسك كل طفل بيد الشخص الذي يرافقه ."

أمسكت بيد روز و أخبرتها أن لا تفلت يدي ، ذهب كل من ليو و أيلا إلى إخوتهم و أمسكوا بيدهم ، إنطلقنا بعدها للمطعم و نحن نمشي على شكل أفواج ، بسبب صداقة ليو و روز و أيلا إضطررنا أن نمشي أنا و ألكس و أخت أيلا معا في فوج واحد ، لم نتحدث إطلاقا بل أخذ كل واحد منا يتأمل جمال الطبيعة و جمال المكان كان المنتجع يقع بالقرب من غابة أشجارها كثيفة و طويلة ، كانت الأشجار مغطاة بالثلوج و هناك منازل لاتزال تحتفظ بزينة رأس السنة المعلقة على بيوتهم ، كنت من الحين للآخر أراقب تحركات أختي روز و أحرص على إبقاء عيني عليها خوفا من اِصطدام سيارة بها لأننا كنا نمشي على الرصيف و قرب الطريق ، وصلنا المطعم بعد السير لمدة عشر دقائق ، كان المطعم يبدو عاديا من الخارج و ليس بمثل المطاعم التي أذهب إليها عادة ، طلبت منا المعلمة أن ننتظر خارجا كي تذهب للتحدث مع صاحب المطعم ، رأيت النادل و هو يقوم بوضع الطاولات في صف واحد كي نجلس حولهم ، قام بوضع أكثر من ثلاثة طاولات في صف واحد ثم وضع الكراسي حولهم ، دخلنا بعدها للمطعم و اِخترت مقعدا في وسط الطاولة و جلست بجانبي روز ثم جلس ألكس مقابلا لي و جلس ليو على يساره و مقابلا لروز ، أما على يمين ألكس فجلست المتعجرفة أخت أيلا و التي جلست بجانبها أيلا ، بعدها جاء النادل و أخذ طلباتنا ، طلبت لي و لروز ثلاثين عود شواء و بطاطا مقلية ، في حين انتظارنا للأكل بدأت روز في التحدث مع أصدقائها .

" هل جربتم من قبل صنع رجل ثلجي؟ "

نطقت أختي بحماس في اِنتظار إجابتهم ، نطق ليو بكل فخر .

" أجل لقد جربت صنع واحد من قبل ، كان يشبه أولاف الذي في كرتون فروزن ."

رفعت أختي حاجبيها بتعجب ، بعدها أضافت أيلا .

" العام الماضي في الشتاء عندما ذهبنا للجبل أنا و عائلتي صنعت رجل ثلج أكبر و أطول مني بكثير ."

نظرت لها أختي بطرف عينيها ثم نطقت باِتهام .

" توقفي عن الكذب ."

نظرت لها أيلا بعينين مصدومتين من الكلام التي وجهته لها أختي ، اِلتفتت أيلا لأختها بغضب .

" كلوي أخبريهم أنني صنعت رجل ثلج أطول مني ."

إذا تلك اللئيمة اِسمها كلوي ، لم تكترث لها كلوي فهي مركزة الآن مع تصوير نفسها و تصوير المطعم ، صرخت أيلا مجددا في وجهها .

" كلوي أنا أتحدث معك ! "

التفتت لها أختها بملل .

" ماذا تريدين؟ "

كررت نفس الجملة التي قالتها لها سابقا .

" أخبريهم أنني صنعت رجل ثلج أطول مني ."

نظرت كلوي لليو و روز بملل أيضا و قالت بلا مبالاة .

" أجل ، بل صنعت رجل ثلج يفوقني طولا ."

أنهت حديثها بسخرية لم تنتبه لها أيلا لأن المهم عندها أنها أخبرتهم بما تريد ، وصل الأكل ثم شرعنا في تناوله ، قسمت أعواد الشواء بيني و بين روز بالتساوي ، في تلك الأحيان رفعت بصري نحو صحن ألكس فوجدته طلب صحن باستا بالصلصة الحمراء أما بالنسبة لليو فطلب ساندويتش شاورما ، بعدما أنهينا غذائنا خرجنا خارجا ، سرنا نحو المنتجع في نفس الأفواج التي كنا عليها منذ مجيئنا ، تريثت بعدها أمام مقهى كان في الطريق ، فتحت بابه ثم دخلته ماهي إلا ثوان حتى ترامى صوت ألكس على مسامعي .

" لم أكن أعلم أنكِ من محبي القهوة ."

اِلتفتت فوجدته اِنضم إلي واقفا ورائي و ينظر لي ، أجبته و أنا أنظر له بكل هدوء .

" لست من محبيها و إنما خطرت على بالي فجأة فقلت لما لا أجربها؟ "

أومأ ألكس برأسه ثم نظر نصب عيني و وجه كلامه لي .

" إن أعجبتك فستدمنين عليها و سيصبح الإقلاع عنها أو التوقف عن شربها أمرا صعبا فهي كالمخدرات تقريبا ."

أومأت موافقة على كلامه ، خرجنا من المقهى و في يد كل واحد منا كوب قهوته الخاص به ، عندما شارفنا على الوصول إلى المنتجع اِستوقفني منظر الغابة و الأشجار الموجودة فيها ، اِستدرت بعدها لألكس الذي كان منغمسا في هاتفه .

" ألكس ."

همهم لي كجواب في اِنتظار أن أكمل كلامي ، عندما طال اِنتظاره رفع رأسه لي ثم وجه كلامه لي باِستغراب .

" ما الأمر؟ "

لا أعلم لما لكنني خجلت منه فجأة و من طلبي الذي سأطلبه منه ، رتبت الكلمات في رأسي ثم نطقت بها بصوت منخفض .

" ألا تمانع إن التقطت لي صورا أمام هذا المنظر الجميل؟ "

واضح كم ارتحت له حتى أطلب منه أن يلتقط لي صورا ، نظرت إليه بترقب أسمع إجابته .

" لا أمانع ."

أشرق وجهي عندما أخبرني أنه لا يمانع ، أخرجت هاتفي ثم أعطيته له ، ذهبت و وقفت أمام تلك المنظر ، لاحظت كم يعاني في اِلتقاط الصور ، فَيدٌ تمسك بالهاتف و الأخرى تمسك بكوب القهوة .

" ألا تمانع إن أمسكت لك كوب القهوة حتى تستطيع التصوير بارتياح؟ "

نطقت كلوي بصوت ناعم موجهة كلامها لألكس ، اتجهت مسرعة له ثم أخذت كوب القهوة من يده ، نظرت لها من الأعلى للأسفل و بنفس النظرة التي رمقتني بها هذا الصباح ثم وجهت كلامي لها باِشمئزاز .

" أجل يمانع ."

أمسكت كوبه و رجعت لمكاني حتى يلتقط لي ألكس الصورة ، لاحظت كيف ابتسم ألكس من الموقف الذي قمت به الآن ، نظرت لي كلوي بغضب ثم صرخت في وجهي .

" و ما شأنك أنتِ ، هل تحدثت معك؟ "

أردت أن أرد لها الصاع و لأنها قللت مني بنظرتها تلك و لم أجد موقفا مناسبا كهذا لرد الصاع لها ، تجاهلتها ثم عدلت شعري و قلت بصوت كله حيوية .

" ألكس أنا جاهزة ."

نظر لي ألكس ثم رفع الهاتف و التقط الصورة عندما اِنتهى خاطبني بصوت مرتفع كي أسمعه .

" الآن غيري الوضعية ."

غيرت وضعية التصوير كما طلب مني ، و بعدها ناديت على أختي روز كي أعطيها كوبي القهوة اللذان هما في يدي ، اِلتقط لي بعدها عدة صور و عندما اِنتهى اِقتربت منه و لكن عندما وضعت رجلي أمامه اِنزلقت رجلي و وقعت على الثلج ، يا له من توقيت رائع لأسقط فيه أمام تلك المتعجرفة! ، لم أدع الخجل يسيطر علي فسرعان ماتداركت الأمر و قهقهت ضاحكة على نفسي .

" لم أكن أظن أن هذه جزء من وضعيات التصوير لكن لابأس ، هيا ألكس التقط لي صورة هكذا ."

ضحك ألكس على حالتي و وقف أمامي ثم صوب الهاتف نحوي و التقط الصورة ، بعدها مد يده نحوي كي يساعدني على النهوض ، تحدث و هو يقلب في الصور التي اِلتقطها لي .

" لا أقصد الإهانة لكن الصورة الأخيرة هي الأفضل بينهم ."

نظرت له بطرف عيني ثم قلت و أنا أنظر لتلك الحرباء باِشمئزاز .

" أجل فأنا في جميع الحالات مبهرة حتى عند سقوطي ."

نطق ألكس و هو يأخذ كوب قهوته من روز .

" قليلا من تواضعك آنستي ."

كنا على وشك الإنطلاق لكن اِستوقفنا صوت كلوي .

" هل يمكنك أخذ صورة لي أنا أيضا؟ "

وجهت كلامها لألكس ، اِستدار نحوي ثم ناولني كوب قهوته ، أعطته هاتفها ثم بدأت في القيام بوضعيات للتصوير ، أرجع لها ألكس هاتفها بعدما انتهى .

" اِنتظر ، أريد أن تلتقط لي صورة أخرى بهذه الوضعية ."

رأيت ألكس و هو يقلب عينيه من الملل عندما ناولته هاتفها ، فجأة مددت شفتيها للأمام بشكل حرف o ثم وضعت يديها على شفتيها و أرسلت قبلة في الهواء .

" ما الذي تفعلينه؟ "

نطق ألكس بجدية و هو يبعد الهاتف من أمامه ، كم وددت سكب كوب القهوة الذي أحمله بين يدي عليها ، اِستقامت في وقوفها ثم وجهت كلامها له مستغربة .

" أقوم بعمل وضعية للتصوير ."

خاطبها بجدية مجددا .

" غيري هذه الوضعية و إلا لن أقوم بتصويرك ."

اِبتسمت و أنا أنظر لها بإنتصار على الرغم أنني اِستغربت قليلا من ردة فعل ألكس لكن هذا ماتستحقه متعجرفة مثلها ، غيرت بعدها إلى وضعية أخرى ثم اِكتفى ألكس بتصوريها صورة واحدة أخرى ثم قدم لها الهاتف ، رجعنا بعدها للمنتجع و اِتجهت مباشرة للجناح ، دخلت الحمام و أخذت حماما مريحا ، الماء الساخن ساعدني على إرتخاء أعصابي ، اِرتديت بيجامة مريحة ، ذهبت للإطمئنان على روز فوجدتها نائمة أطفأت ضوء غرفتها ثم اِتجهت نحو غرفتي كي أنام أنا أيضا لبعض الوقت .

اِستيقظت بعدها على طرق في الباب ، ذهبت كي أفتح و عندما نظرت في العدسة الموجودة في الباب كي أرى من الطارق ، لاحظت جسما صغيرا مرتديا معطفا سميكا و عندما اِستدار ظهر لي وجهه .

" أهلا ليو ."

خاطبته مبتسمة بعدما فتحت له الباب ، كان يبحث عن أختي روز ، أخبرته أنها في غرفتها نائمة بعدها ذهب إليها مسرعا ، ستفرح روز كثيرا عندما تستيقظ و تراه يبحث عنها .

" روز أسرعي و اِرتدي ملابسك ."

وجه ليو كلامه لأختي ، تدخلت بعدها متسائلة .

" إلى أين تريدون الذهاب الآن؟ "

كانت الساعة تشير إلى السادسة مساءً ، نظر لي ليو الذي كان جالسا على حافة سرير أختي ثم تكلم بسرور .

" نحن ذاهبون إلى الينابيع الحارة بعد قليل ."

نظرت اِتجاهه باِستغراب .

" و من أخبرك أننا ذاهبون إلى هناك؟ "

بادلني بنفس نظرات الإستغراب التي وجهته لها ثم نطق متسائلا .

" أ لم تسمعوا ماقالته لنا المعلمة عبر مكبر الصوت؟"

هل فوتت خطابها و أنا نائمة؟

" لا لم نسمعها ، ما الذي قالته؟ "

اِعتدل مبتعدا عن السرير ثم أجابني .

" أخبرتنا أن نحضر معنا لباس السباحة و مناشفنا و أيضا أن نحضر معنا ملابس سميكة كي نرتديها عندما نخرج من الينابيع ، و أخبرتنا أن الينابيع موجودة بالقرب من المنتجع و تقع في الغابة الموجودة وراء هذا المنتجع ."

أومأت له رأسي بتفهم ، كان على وشك المغادرة إلا أن صوت أختي اِستوقفه .

" لا تذهب ليو فلتبقى هنا ."

اِستدار لها ليو ثم أمرتُه بنزع معطفه السميك لأن الجو حار جدا داخل الجناح ، ذهبت مباشرة و أحضرت ملابس سباحتي و وضعتها في حقيبة كبيرة ثم بعدها اِنتقلت لملابس أختي و وضعت لها ملابسها هي أيضا ، ثم اِرتدينا ملابسنا و ناديت على أختي و ليو كي نخرج و نذهب للإلتحاق بهم لأن المعلمة أخبرتنا أن ننزل لمدخل المنتجع ، نزلنا عن طريق المصعد ثم اِنضممنا للجميع لاحظت أن ألكس و كلوي واقفين معا ، هل تطورت علاقتهم الآن و أصبحوا أصدقاء؟ اِقتربت منهم ثم ألقيت التحية على ألكس و لم أنظر لكلوي و لو لثانية بعدها اِنطلقنا في جماعة و بعد دقائق من المشي فتحت حقيبتي كي أتحقق من أني أحضرت كل شيء معي .

" يا إلهي لقد نسيت المناشف ! "

نظر لي ألكس و كلوي عندما صرخت بفزع ، نطق ألكس مطمئنا إياي .

" لا بأس ستجدين مناشف كثيرة هناك عند وصولنا ."

لم أقتنع بما قاله للتو .

" و إن لم أجد هل سأرجع للمنتجع و أنا مبتلة؟ "

توقفت مجموعتنا عن المشي و بدأوا في النظر لي ، نطق ألكس بهدوء و هو ينظر لعيني مقنعا إياي .

" إن لم تجدي واحدة سأعطيك منشفتي الخاصة ."

حركت رأسي يمينا و يسارا نافية .

" لا ، أريد اِستخدام منشفتي الخاصة بالإضافة إلى أنني نسيت منشفة روز أيضا ، لابأس سأرجع الآن بسرعة للجناح و أحضر المناشف ."

تراجعت للوراء كي أذهب ، قال ألكس بنفاذ صبر .

" قلت لك أنه لابأس باستخدام منشفتي و لاتقلقي على روز فليو سيعطيها منشفته أيضا ، أليس كذلك يا ليو؟ "

صوب بصره نحو أخيه في نهاية كلامه ، نظر لي ليو و قال لي بهدوء .

" أجل سأعطيها منشفتي ."

لم أشأ أن أستخدم منشفة أخرى غير منشفتي الخاصة ، لم أستمع لهم بل بقيت مُصرة على قراري .

" لابأس سأذهب بسرعة و أعود ، لا تنتظروني ."

نطق ألكس معترضا .

" و لكن .."

قاطعته كلوي بملل .

" ألكس دعها تذهب ستتدبر أمرها ."

وددت صفعها من شدة غضبي ، ماشأنها هي؟ و الأجمل من هذا تتدخل في ألكس و توقفه أيضا واضح كم تطورت علاقتهم إلى أن أصبحت تقرر بدلا عنه ، نظر ألكس نصب عيني ثم قال لي بجدية .

" سنتحرك لكن أسرعي ، إن تأخرتِ فاِتصلي بي حسنا؟ "

أومأت له مؤكدة ثم رأيت كيف سحبته كلوي من ذراعه تحثه على الذهاب ، نفض يده من يدها ثم مشى مسرعا مبتعدا عنها ، اِستدرت و ذهبت ركضا نحو المنتجع ، وصلت للجناح ثم دخلت الغرفة و اِتجهت نحو الخزانة فتحتها ثم أخرجت مناشفي و مناشف روز ، و بينما أنا أخرج من غرفتي مرورا بغرفة الجلوس لمحت في غرفة روز ساعة ليو موضوعة فوق فراشها ، أسرعت و أخذتها من فوق الفراش ثم خرجت متجهة نحو المصعد ، اِنتظرت المصعد حتى يفتح لي و عندما فتح واجهت صعوبة في الضغط على الأزرار لأنني كنت أحمل المناشف بين كلتا يدي لأن الحقيبة لم تتسع لهم ، عندما  ضغطت على الزر الذي يؤدي إلى الطابق الأول سقطت ساعة ليو على الأرض أسرعت أمسكها و قررت اِرتدائها كي لاتسقط مني مجددا ، وصلت لمدخل المنتجع ثم خرجت مسرعة متجهة نحو الغابة ، عندما تذكرت كلام ليو عندما قال لي أن المنتجع يقع في الغابة و أن المعلمة قالت بأنه قريب من هنا ارتحت قليلا ، دخلت الغابة مهرولة لأنني أريد اللحاق بهم قبل أن يصلوا بعدها مشيت لمدة خمس دقائق تقريبا و لم يظهر لي أي أثر لهذه  الينابيع ، اِلتفت يمينا و يسارا كي ألمح أي شخص أو أي مكان لكنني لم أجد شيئا ، تذكرت كلام ألكس لي عندما قال لي بأن أتصل به إن تأخرت ، أخرجت الهاتف بصعوبة و ضغطت على اِسمه في الشاشة و بينما أنا أنتظره كي يرفع الخط اِنطفأ الهاتف في وجهي لأن البطارية نفذت ، صرخت بذعر .

" لا ليس الآن أرجوك ."

ضغطت زر إعادة التشغيل الخاص بالهاتف لكن لسوء الحظ لم يشتغل ، في تلك الأحيان بدأت بالإرتجاف و تخيل أسوء الأشياء التي من الممكن أن تحدث لي في هذه الغابة ، بدأت في البكاء بحرقة و الصراخ .

" ألكس .."

لم أتلق أي رد فكررت الصراخ ثانية .

" ألكس .. ليو .. روز .. هل هناك أحد يسمعني؟ "

نفس الشيء لم أتلق أو أسمع أي رد ، اِنهرت بالبكاء و بدأت الرؤية تصبح ضبابية بسبب الدموع المنهمرة ، واصلت الصراخ بأقصى صوتي لكن بلا فائدة ، و بينما أنا أمشي بحيرة و أبحث عنهم أو عن أي مخرج اِصطدمت بشجرة كانت ورائي ، آلمني رأسي كثيرا توقفت لأتفقد إن كان الدم قد بدأ يسيل منه ، تنفست الصعداء لأنني لم أجرح أو بدأت في النزيف ، بينما أنا أتفقد رأسي سمعت صوتا غريبا فاِلتفتت ورائي لأرى فإذا بي أرى الثلج ينهمر و قادما باتجاهي بسرعة كبيرة ، صرخت بذعر .

" يا إلهي إنه انهيار ثلجي ! "

قبل أن أحرك قدميَّ اِستطاع الثلج أن يغطيني بالكامل و يشل حركتي ، لم أستطع أن أحرك أي عضو في جسدي و أحسست بثقل و برودة لا مثيل لهما ، ماهي إلا دقائق حتى فقدت الوعي و لم أحس بشيء بعدها .
                   

The eighth chapter is done ✅

مساء الخير❤️ اشتقت لكم كثيرا✨

إذا أخبروني مارأيكم في تطور الأحداث؟

مارأيكم في الشخصيات؟

إيلين؟

ألكس؟

روز و ليو و أيلا؟

كاميليا؟

كلوي (الشخصية الجديدة)؟

ماذا تتوقعون أن يحدث في الفصل القادم؟✨

Don't forget to vote

See you in the next chapter ❤️

Comment