>خائفة<

اومأت بهدوء ثم خرجت.
سرت بضعة خطوات إلى أن وقفت أمام سيارته وهي تحاول تهدأة قلبها المضطرب.
تمتم بصوته الرجولي العميق وهو ينظر أمامه:
-اصعدي.

تنهدت ثم فعلت مثلما قال.
..
خيم الوجوم عليهما قبل أن تقطعه قائلةً بهدوء:
-لماذا أردت مقابلتي بمثل هذا الوقت؟
لم يجب وانطلق بسيارته إلى مكان تجهله.
أردفت بدهشة:
-جيمين!،ماذا تفعل!،لا يجب أن أبتعد عن هنا!
لم تستجب منه رداً،وشعرت بالخوف عندما زاد من سرعة سيارته وعروقه بارزة من كثرة الغضب الذي يحمله.
تمتمت ببعض الخوف:
-جيمين،أرجوك اهدأ،وأخفض السرعة أرجوك...
تنهدت ثم أضافت:
-حسناً،إن كنت غاضبا مني بشئ ما،فأنا آسفة،لكن فلتهدأ أرجوك.
....-
-جيمين!!،واللعنة ماذا بك!!....
...
وقف فجأة بمكان منعزل عن باقي المدينة وهو يعصر على قبضة يده بقوة وأنفاسه متلاحقة.
نظرت له قائلةً بتهكمية بعدما نفذ صبرها:
-هل جننت!!،ما هذا الذي تفعله!،أيا كان السبب فلا يحق لك أن تأخذني إلى مثل هذا المكان المظلم دون إرادتي!
صرخ بنبرة اقشعر لها بدنها:
-اصمتي!!
أبصرت عينيها أعين الصقر خاصته الممتلئة بالدموع.
صمتت حتى لا تزيد الطين بلة، وهما يتبادلان نظرات واجمة،ليقوم بإبعاد الوشاح الذي تضعه على رأسها،ثم تمتم وهو يجز على أسنانه:
-ما اللعنة!
نظرت له وقد ترقرقت الدموع بعينيها من كثرة الفزع الذي تعرضت له بلحظات متتالية،واكتفت بإدارة وجهها للجهة الأخرى.
أدار وجهها له بغضب عارم متسبباً بألم فكها ،ثم تمتم بهدوء مخيف:
-أريد أن أفهم الآن،ما الذي يحدث؟
تمتمت بغصة:
-لا شئ،أنا بخير.
صرخ بحدة:
-ولم شعرك قصير وخفيف هكذا واللعنة!!!
تساقطت دموعها على وجنتيها وهي تراقب نظراته الحادة ودموعه العالقة بمقلتيه بآن واحد،ثم أردفت:
-لا شئ،فقط أحببته هكذا.
صرخ بغضب متسبباً بفزعها أكثر:
-كاذبة!!،أنتِ كاذبة مثلهم جميعاً،تنكرين ماذا هاا!!،تنكرين وجود هذا المرض اللعين!!!!
انهمرت دموعها بغزارة أكثر على وجنتيها،لتردف وهي بطريقها لفتح الباب:
-أريد الذهاب.
جذبها من يدها بقوة،إلى أن أصبحت تستطيع الشعور بأنفاسه المتلاحقة وهي تضرب بوجهها،ليتمتم بحدة:
-لن تذهبي إلى أي مكان.
تمتمت بنبرة يشوبها البكاء وهي تسعى جاهدة ألا يرى دموعها:
-أرجوك جيمين،أنا لست بحالة تسمح لي بالجدال معك،أرجوك دعني أذهب.
صرخ بغضب وهو يضرب لوحة القيادة بقبضة يده وهو يحاول إفراغ غضبه بشئ آخر عداها:
-واللعنة!!!
أغلقت عينيها وهي تضع يديها على أذنها وتتمتم وسط شهقاتها:
-توقف عن الصراخ ارجوك.
صرخ بقوة حتى احمر وجهه وبرزت عروقه بشدة:
-واللعنة!!!،لا تبك!!!
كانت تبكي بصمت وتحاول كتم شهقاتها،ليغلق عينيه وهو يحاول تهدأت ذاته بالتزامن مع تساقط دموعه التي حاول إخفاءها بغضبه،لكن محاولته أبت بالفشل.
تمتمت بنبرة يشوبها البكاء من بين شفتيها:
-أنا آسفة.
-واللعنة!،توقفي عن قول هذه الجملة السخيفة التي لا تدوي شئ!!
تمتم بنفاذ صبر ثم نظر لها وهي فقط تنظر إلى الجهة الأخرى وتبكي بصمت،ليصرخ بغضب:
-لماذا لم تخبريني واللعنة!!
صرخت بنبرة يشوبها البكاء وهي تضع يديها فوق أذنيها:
-كفى!!،كفى صراخ!!،توقف!!.....
اجهشت بالبكاء وبقي ينظر لها بألم وانكسار، ثم تمتمت بتهدج:
-لم أستطع....
أكملت بنبرة مهزوزة:
-لم أستطع أن أتقبل الأمر حتى كي أخبرك،أنت لا تدرك كم الألم الذي أشعر به،لا تدرك معنى أن تفقد أحد بسبب مرض لعين كهذا،ويصبح مصيرك مثله،لا تدرك كم هو أمر مرهق ومخيف...
أضافت وهي تبكي بصوت يقطع نياط القلب:
-أنا خائفة،بكل يوم أشعر بنهايتي تقترب،خائفة من الذهاب،خائفة مما سألقاه وأنا بمفردي وسط ظلمة حالكة،خائفة أن أفقد كل من أحب،خائفة ألا أتمكن من تحقيق أحلامي....
نظرت له بأعين دامعة ثم تمتمت من بين شهاقتها:
-خائفة ألا أراك مجدداً....
جذبها من يدها إلى أن عانقها،ليقبل عنقها بلطف ودموعه تتساقط ثم أردف:
-ششش،أنا آسف،لم أقصد الانفعال عليكِ.
أغلقت عينيها وهي تبادله العناق وشهقاتها تتعالى وسط بكاؤها.
تمتم وهو يمسد على شعرها:
-لن تذهبي إلى أي مكان،لن أسمح لك بهذا،لن أسمح لنفسي بتركك تذهبي بهذه السهولة.
تمتمت وهي تتشبث بقميصه:
-أنا...أنا خائفة جيمين.
ابتعد قليلاً ثم أحاط وجهها بكفيه وتمتم:
-لن يأخذك هذا المرض اللعين،أتسمعي!،إن استطاع أذية من تحبين فلن أسمح له بأذيتك.
لاحظت تساقط دموعه دون شعور منه،لتكفكفها بأناملها متمتمة بحزن:
-لم تبك الآن!،ألم تكن تكرهني؟!
أمسك بيدها التي تكفكف دموعه،ليتبادلا نظرات واجمة قطعها بقوله:
-أنا آسف؛لأنني قمت بأذيتك.
ابتسمت بخفة وسط دموعها ثم تمتمت:
-لا بأس،معاملتك اللطيفة مؤخراً طغت على ما فعلت.
نظر لها مطولا قبل أن يقترب ويطبع قبلة لطيفة على وجنتها...لكنها عميقة.
أغلقت عينيها ودموعها تأبى التوقف ،لكن سرعان ما استفاقت عندما شعرت به وهو يبتعد تدريجياً.
نظر لها ثم تمتم بصوته الرخيم:
-عليكِ التحلي بالشجاعة،من أجل القضاء على هذا اللعين.
اومأت بهدوء ثم أبعدت أناملها من بين يديه برفق و اعتدلت بجلستها وهي تسند برأسها على النافذة.
تنهد ثم انطلق عائداً بها إلى منزلها.
....
ترجلت من السيارة ما إن وصلت،ثم ألقت نظرة عليه قبل أن تودعه متمتمة بابتسامة خفيفة:
-وداعاً.
ابتسم بجانبية قائلاً:
-بل إلى اللقاء.
تمتم ثم انطلق حتى لا ترى دموعه مجدداً،بينما هي دلفت إلى منزلها.
....
جلست على فراشها بهدوء وعينيها تنذر بقدوم دموعها التي تهطل بمجرد التفكير بأمر أنها من الممكن ألا تراه مجدداً،وأنها لن ترى والدها وجيني ونايون،والسيدة هيسو..مجرد التفكير بالأمر مرهق ومؤلم.
أخذت نفساً عميقاً وتسطحت على فراشها؛لتستريح من عناء التفكير.
.....
سكنت سيارته أمام منزله،ليطلق تنهيدة عميقة قبل أن تقع عيناه على هذا الوشاح.
التقطه وهو ينظر له بملامح خالية من المشاعر،ثم أرجع شعره للخلف وعلى ثغره قد علت ابتسامة ساخرة ثم ترجل من سيارته.
.....
مر اسبوعين على هذا اللقاء،كان يحاول التحدث إليها بقدر المستطاع،لكنها كانت تتجنبه حتى لا يرى ضعفها أكثر،بينما هي حالتها كانت تسوء كل يوم عن الذي قبله،حاولت المقاومة لكنها وجدت أنها هزيلة جداً أمام هذا المرض،لم تذهب للجامعة لما يقرب الثلاث أسابيع،وجيني ونايون كانتا تزورها بإستمرار،كان وجودهما بمثابة وجود الأزهار بين أشواك حياتها.
......
فتحت عينيها الرماديتين على لمسات حنونة تمسد على شعرها،لتستقيم بجزأها العلوي متمتمة:
-هل هناك شئ أبي؟
أردف بابتسامة:
-لدي خبر ربما سيسعدك.....
عقدت حاجبيها باستغراب،ليكمل:
-لقد جاء عمل طارئ،وعلي السفر إلى سويسرا لأسبوعين.
-ماذا!،وهل ستتركني؟!
قهقه بخفة ثم أردف:
-دعيني أكمل فقط...،السيدة هيسو عندما علمت أصرت أن تمكثي معها إلى أن أعود.
اتسعت حدقتا عينيها بصدمة قائلةً:
-بالطبع لا!!
-لماذا!
تنهدت ثم أردفت:
-أبي،أنا لا استطيع،يمكنني البقاء وحدي إذاً.
-صغيرتي،هكذا سأطمئن عليكِ أكثر،كما لم لا تريدي..ألم تتحسن علاقتك بجيمين!
تنهدت ثم أردفت:
-بلى،لكن...
قاطعها قائلاً:
-من فضلك صغيرتي،أريد أن أذهب وأنا مرتاح البال.
-ولماذا لا تأخذني معك؟!
-لا أستطيع،إنها رحلة عمل.
نظرت له دون أن تنبس ببنت شفة،ليقبل جبينها ثم أردف قبل أن يذهب:
-فلتستعدي.
...
أعادت شعرها للخلف وهي تتأفأف بغضب:
-تباً!!،لم مقدر لي أن يراني بمثل هذه الأوقات!!،ااه..سأجن حتماً!
.....
-ماذا تفعلين أمي؟
أردف جيمين بتعجب عندما وجد والدته تحضر غرفة تبدو وكأن أحدهم سيمكث بها.
استدارت له بعدما كانت منشغلة بإضافة لمسات تعطي للغرفة حياة أكثر،ثم تمتمت بابتسامة:
-لن تصدق من سيأتي ليمكث معنا غداً!!
تساءل باستغراب:
-من؟!
-سوجين!
اتسعت حدقتا عينيه بصدمة:
-ماذا!!!
تنهدت ثم أمسكته من يده وذهبت به إلى غرفة المعيشة لتخبره بالأمر.
....
تمتم بهدوء بعدما انتهت من حديثها:
-إذاً،ستبقى معنا لاسبوعين،إلى أن يعود والدها...
اومأت السيدة هيسو بحماس،ليكمل:
-وأنتِ من أصريت على هذا؟
-بالطبع!
-جيد.
استقام قاصدا الذهاب،لتردف:
-إلى أين؟!
-إلى غرفتي.
ابتسم ابتسامة وديعة ثم صعد إلى غرفته وهو يبتسم بجانبية.
....
-Second day at 4 PM-
عانقت والدها قائلةً:
-لا تتأخر أرجوك.
قبل فروة رأسها قائلاً:
-لن أفعل صغيرتي،وسأقوم بمهاتفتك كل يوم؛لأطمئن عليكِ.
اومأت بحزن ثم ابتعد وقبل جبينها قبل أن يردف:
-سأذهب الآن،وجيمين بطريقه لأخذك.
اومأت بهدوء ثم حمل حقيبته وذهب برفقة سائقه إلى المطار.
تنهدت وحملت حقيبتها ثم أغلقت باب هذا المنزل الضخم الذي حتماً سيجعلها تجن إن بقيت به بمفردها.
>Sojin's outfit<

....
ظلت تنتظره إلى أن وقفت سيارته أمامها.
ترجل من سيارته بهالته الباردة،وتقدم ثم أخذ الحقيبة من يدها دون أن ينبس ببنت شفة.
كانت تراقبه بصمت،إلى أن أفاق شرودها فتحه باب السيارة لها.
تبادلا نظرات واجمة ثم دلفت إلى السيارة،وأغلق هو الباب ثم ركب بمقعده،وانطلق وقد خيم الوجوم عليهما...........
يتبع........

Comment