unpuzzled - bounprem

يدسّ بيديْه في جيوب معطفه يلتمس دفئاً يعوّض به البرودة الّتي تملّكتهُ في رياَحٍ مثلجة، رياح خريِفٍ تنمُّ عن فصلٍ شديد الكآبة قادماً في الأرجاء..


"ما اللّعنة الّتي جعلتك تغادر مبكّرا؟ ايرث سيقتلني إن لم تحضر مؤخرتكَ و تأتِ في الحال"


كان هذا صديقُه الأقرب إلى قلبه، يصرخ نسبيًّا من خلال الهاتف و قد رافقت كلماَته ضوضاَء صاخبَة تعادل صَخَب قلبِ المستمع.


"لم أكن في مزاج يسمح لي أن أشرب أكثر، ثمّ أريدك أن تكفّ عن هرائك لأنّه في الواقع إيرث هو من جعلني أغادر"


يتحدّث بصوت خفيت نظراً لتقاطع الطّرق الخاَليِ من أيّ عربَةٍ أو بني آدميٍّ يذكر.


"لقد وعدتني بتجربة بعض الجنس بصفة دوريّة لكن ها أنتَ!!!! انتظر حتّى أراك و سأقطع قضيبك الّذي صرت لا تحتاجه بعد الآن عنك. ثمّ من سيدفع للفتى إن لمْ--"


يغلق بون الهاَتف في وجهه بهدوء. صحيح، هم قد دبّروُا له موعداً مع فتًى ما، ليس موعداً بل ليلَة عابرةً في ملهَى إِيرث تنسيِه شيئاً من ضجيج قلبه. لطالماَ أحبّ أصدقائك العبث في الجوار و الإهتمام لشأنه لكنّه صعب الإرضاَء، يريِده هو فقط، هو.


قطرة


قطرتاَن


قطرات مطر أخذت تنساب خيوطًا من الماء على ذلك الجسد ذُو البنية الضّعيفة نسبيًّا، يزفر في حنقٍ، يخاف المطر، بل يخاف غيْمه و برْقه، يخافُ ما تحمله حبَاله من ذكرَى. كأنّ حبّه مربوط بزمجرَة البرق و تساقط البرد، بل في رائحة ترابه عبيقُ جسدٍ يتمنّاه طول ليَاليِ الصّيف. و هاهو يعود بعد دهرٍ من الغياب في نوتاَت موسيقَى مطرٍ هادئ. مطرٍ يغسل عن كلاَهما آثار الفراَق و هذيان ما بعد الحلم.


يتوقّف المطر و تتوقّف خطواَته الثّقيلَة معه، بل تتوقّف طرقَات قلبه المزعجة، الأغرب هو الظّلّ الّذي امتزجَ بخاصّته و احتضنه في اقتراب بسيط. يرفع ناظرَيْه ببطء؛ مظلّة سوداَء و، شخصٌ ما.


"اِحتمِ بالمظلّة، تمطر بغزاَرة و مناعتكَ ضعيفة و زكاَمكَ ثقيِلٌ للغاَية. إضافة إلى أنّكَ مهملٌ و لن تستطِيع الإعتناَء بنفسك!"


هذاَ الصّوت، مهلاً!


"لاَزلت تتذكّر طريقَ الشّقة صحيح؟ لديْنا الكثير لنتحدّث به"


"بريم"


لم يصدّق في بادئِ الأمر كلماته، نظرَاته المشتتة كعادتهاَ، بؤبؤه المتّسع في اختلاَل نفسٍ بسيط و خصلاَته الرّماديّة. و كأنّما دارت بهماَ الأكوان و تنحّت عنهماَ قطراَت المطر في صمتِ عقول و ضجيج قلُوب عاد ليسكُن داخلهماَ بعد ما طاَل لِأشهرٍ و بعضهاَ.


عاد بون بخطواَته للخلف بهدوء، و لَكم يرغبُ بالهروب في اللّحظة. تقَهْقرهُ نمَّ عن عدم اِستعداد و تردّد، عن نفسٍ ماتت شوقًا تمَّ إرجاَعها للحياَة في أجزاَء من الثّانية دون سابِقِ إنذارٍ.


"هل- هل عدت؟"


تردّده أخذ بِه في مهبِّ رِيحٍ هوجاءَ، ريحِ مشاعرَ و أهواءَ. يغلقُ بون جفناَه عندماَ لا يتلقَّى إجاَبة من الشّخص أمامه، تدمعُ عيناَه لِيقتربَ و يَأخذ الأخير فيِ حضنٍ بينَماَ تدحرَجت المظلّة من يده و اِختفت في سيُول الطّريق.


"بون"


حارب بريِم شوقَه لكنّه اِكتفىَ بتحريك يديْه لِيريحهاَ خلف رقبَة الأكبر محيِطاً إيَّاها بضعف، حضنهُما دام دقائق بينماَ لم ينبس أحدهماَ ببنت شفة، و قد أخذت خيوط السّماء تزيّن مشهد اللّقاء ذاكَ، و كأنّها ضيفُ مرحَّبٌ به دائماً لِمشاركة حضنيْهما. تحتضن كلاَهما بوابِلٍ من القطرَات اللّطيفة و تجعلُهما و ثيابهماَ يبتلاَّن لكنّ الأمر لم يكن مهماً جداً مقابل اِرتواء قلْبيْهما.


دام الحضن دقاَئق جعلتْ كلاَهما يذرفَان دموعًا. ربّما لم يلْحظها كلاهما في بادئ الأمر لكن ضربات أيسريْهما و هزّات صدريْهما كانت أقوى من أن يتمّ تجاهلهاَ من قبل كلاهما.


و الّذي عنىَ بالفعل شيئاً واحداً. شعورهماَ كان متبادلاً، و حتّى زخَّات المطر فعلتْ..


لكنْ ما حدث قبل سنة، اِعترافُ بون ثمَّ اِختفاَء بريم، و بعدهاَ دهرٌ من الوحدة لكليْهما.


لماَ أدّت الأمور إلىَ ما آلت إليه إن كاَناَ حقًا تشاركاَ ما شَعُراَ به، أوَ ليسَ هذا غير عادلٍ لكليْهما؟ لِمن اِنتظر و من اُنتُظِرَ؟


لربّما كان على قدرهما أن يأخذ مساَراً أقلّ اِنحداراً من هذاَ الّذي اِبتُلِيَ كلاهماَ به، ربّما أكثر منطقيّة أيضاً.


لكن ماَ إن فرّق بريم حضنهماَ، و عادت خيوط المطر لِتملأ فراغ جسديْهما حتّى أُكِّد أمر واحد و هو حدّة اِنحدار هذاَ القدر.


"هل تريِد التّحدّث بالأمر الآن و هناَ أمْ لا بأس بالمنزل؟" تحدّث بريم بينماَ أنزل نظره، شيئٌ ما يجعله عاجزاً عن اِلقاء نظرة على عيْنيْ الأكبر، تضعفاَنه و بشدّة.


"منزلناَ؟" يصحّح بون بينماَ تعلّق شبح اِبتسامةٍ بشفتيْه، يشعر و أخيراً بما عليْه حفظ بسمته لِأجله.


"نعم، منزلناَ" يجرُؤُ بريم على الإجابة بينماَ جعل نظراته تتمرّدُ لِتقع على وجه بون فتوقّع بملكيْتهاَ على عينَيْه، ثم شفتيْه، و عودةً إلى عيْنيْه الّتي تبّنت بريقاً ما خطف نفس بريم في تلك اللّيْلة المقمرة.


عندها اِقترب و قرّب الآخر منه بجذبِه من سترَته بخفّة ليَسُدّ المسافة بينهماَ بقبْلَة شغوفة، لِمثاليّتها و المطر لم بتجرّأ بريم أن يفصلهاَ بنفسه لكن بون فعل. فقط لِيتمتم "اِشتقت إليْك" ثمّ يعود لِيقبّله ثانيَةً و مراراً.


.


"يبدو المكان.. لحظة لا تقل لي أنّك لم تدخل المنزل منذ ذلك اليوم! أنظر حشرات!!"


صخبُ المكاَن دلَّ علىَ أمرٍ واحدٍ و هو تواجد الثّناَئيِ الّذيِ عاد إلىَ منزلهماَ ليملآه تراهاَتٍ و تفاَهاتٍ إعتاِدت أن تزيِّن أيّامهماَ معاً.


يمسِكُ بون بِآخر المكنَسَةٍ يحاَول إبعاد الحَشَراَتِ عنهما و الّتيِ كاَن منظرهاَ مقزّزاً و مثيراً للغثياَن بينماَ تشبَّث بريِم بِه من الخلف لا يفعل شيئاً سوىَ الصّراَخ و الإلِقاء بِأوامِره على مساَمع حبيبه السّابق و الّذيِ علقت اِبتساَمة حمقَاء بمحيّاَه جعلَته يبدُو..


"أحمق!!! ما الّذيِ تفعله عندِك إدعسهاَ أو رشَّ عليْهاَ مضَاداً ما!! يا إلهيِ بون إنّها تقترب اللّعنَة" يصفع كتِفه عديد المرّاَت بينماَ يَكاَد يفقد وِعيَه هو من رهاَبه و تقزُّزه من كثْرَتها بينماَ بون لم يَستطع إلاَّ أن ينفجِر ضاحكاً عليْه.


"لم تتغيَّر البتّة يا الهيِ أنظر إلى وجهك هل أنتَ خائف صغيريِ أنظر على الأقلّ صارَ لديْناَ رُفقَاء" يرميِ المكنَسَة من يده لِيقترِبَ من إحدَى الحشراَت الّتيِ بدت قبيحةً و جدًّا لأعين بريم الّذي لا يكاَد يصدّق ما يفعل بون، و إذا بالمخلوق المثير للإشمئزاز يظهر جناحيْه و يطير في وجه الأكبر...


و صرخة هي الّتي دوّتْ في كامل البناَية...


"اللعنةةة بريم إفعل شيئا إنها تدخل إلى.. أنفييي!!! إنزع لعنتهاَ عنّي أيّها اللّقيطططط!!!!! إفعل شيئا أرجوكككك" يفقد بون توازنه مباشرة و يسقط على الأرضيّة بقسوةٍ و قد إلتصقت الحشرة بأنفه. أخذ يتخبّط خوفًا بينماَ يصفع البلاَط مراراً آملاً أن يساعده بريم.


بريم؟! و الّذي في اللّحظة الّتي رآى فيهاَ جناحيْ الحشرة فرّ هارباً للحمام و أحكم قفل الباب خلفه..


"أنتَ هو اللّقيط!!!! ثمَّ من الأخرق الّذي اِقتربَ منها هاه؟!؟!؟! ساعد نفسك لا شأن ليِ طول بقائي هنا!" يتحدّث بريم من الحمام بينَما يحاول مسكَ ضحَكاَته العاَليَة و قد حاول تخيُّل موقف بون الآن، إن كان هو يخاَف شيئاً ما فَبون يرهبهُ و لا يطيقُه. و صورتُه مع حشرَةٍ قبيحة على أرنبة أنفه فقط تجعل بريم يذرف دموعاً و يحاول أخذ أنفاس مطوّلَةٍ من شدة ضحِكِه.


"تضحكْ؟؟؟!! أقسم أنّي سأريك بريِم وارُت فقط إنتظر حتّى تذهبَ هذه عنّي!!!"


"إذن لن تفعل!" يُجيب بريم بين قهقهاَته الحاَدّة و الّتي جعلت الأكبر يفشل في إصطناَع ملامح الغضب و يبتسم لا إراديّا.


هو إشتاق لهَذاَ.


"هل تتحدَّاني أيّها الصّغيررر؟!"


"اووه نعم أفعلُ أيّها الكبير"


"هل الحشرات تطلق ريحاً؟؟ ماذا لوْ- بريممممم أرجوك إنزعهاَ عني!!!!!" يترجّى بصوتٍ باكٍ ليحاول إلتقاطهاَ من على وجهه بيدٍ مرتعشةٍ بالكامل.


"إخفض لعنتكَ إنها الواحدة صباحاً! أحاول النّوم هنا!!"


"تنام في الحماَم؟؟ إنتظر حتى أحشر رأسكَ في المرحاض و ستكون ليلتُك هنيئة ما رأيككك؟؟؟"


"هذا ليسَ رومنسيًّا البتة سأعطيكَ صفر من ١٠!!!!!"


"تريد أن آتي و أقبّلكَ إلى أن تفقِد وعيَكككك؟؟"


"أوه نعم إفعلهاَ طول اللّيلَ!!"


"و اللّعنة سأفعلهاَ طول اللّيل!!!"


"جيّد أيّها السّافل!!!"


"ستندم على مناداتيِ بالسّافل إن أكلتنيِ هذه الوحوش!!"


"أوه لا لن أفعلَ حبيبي بل سأُسعد لأنّه تسنّى لي أن أناديكَ بسافل قبل أن تموت!!"


"كيف تتجرّئ!!!!؟؟"


و هكذَا إستمرَّ صراخَهماَ كلّ اللّيْل و حتّى إقتحم أحد الجيران الباب، لحسن حظّهماَ أنّ شقّتهما كانت في أعلى طابق حيث تواجدت مع شقّة أخرى وحيدَة و إلاَّ إنتهى بهماَ المطاَف بطردهماَ من بيتهماَ و في تلك السّاعة المتأخّرة.


"بوووون"


يتذمَّر ذو الخصلاَت الرّماديَّة في نومه بينماَ يتقلّب بتأفّف يُحاول إيجاَد وضعيّة مريحَةٍ على تلك الأريكة الضّيّقة، طبعاً فلن يجعله الأكبر ينام حذوه ببساطة بعد إستفزازه و سخريِته الّتي تلقّاهاَ من قصير القامة هذا منذ قليل.


"ألم تقل أنّك ستقبّلني كلّ الليْل؟" يتكلّم بريم بغنجٍ ليتّكأ على جانبه و يرسل نظراَتٍ متوسلة للآخر المتمسّك بغطائه و الّذي مثّل النّوم.


"ألم تشتق إليّ؟؟ قل ليِ هل مارست الجنس من بعديِ؟!؟! لا تقل لي أنّه لديْكَ حبيب بالفعل!!" يشهق بريم بدراميّة واضعاً كفّه أمام فمه لكنّه لا ينكر وخز قلبِهِ و شعورُه بخوف مهولٍ من هذا السّؤال البسيط، هو ببساطة إستطرد الأمر بِملامحه و شهقته المُبالَغَة بها لكنّه من الدّاخل يغليِ فضولاً و شوقاً لمعرفَة ما حدث بحياة حبيبه بعدَ مغادرِته.


ما صعَّب عليْه الأمر هو نهوضُ بون المفاجئ و جلوسُه على الفراشِ قبالتَه بِملامحَ جديَّة، و التي كانت كافيَة لِيتنهّد بريم و يجلسُ هو الآخر. يظنّ أنّ وقت الإفصاح عن بعض الأمور قد حاَن، اللّحظة الّتيِ إنظرَهاَ طول مدّة غيابه، و التّي تصوّرها بكلّ الطّرق و جلّ أنواع السّيناريوهات الممكنة.


طبعاً لم يظنّ أبداً أن لقائهماَ سيتبعه موقف مضحك مثل الّذيِ حدث قبل قليلٍ.. بل كان شاكراً لتلك الحشرات الّتي سهَّلت عليه الأمر أو فلنقل أخّرَته قليلاً، فنظرَة بون هذه وضعته أمام الأمر الواقع بالفعل. و حقيقة بعض التّفسيراَت لن تضرّ طول ما تفهَّم حبيبه السّابق سببه، فالتّفاهم و التّمهّل لطالماَ كاناَ من صفاتِ علاقتهماَ إماَ كصديقاَن أو حبيباِن، فبعد كلّ شيء كلّ ماَ غيّر الأمر هو إعتراف و قبلَة، حسناً و بعض الحميميِّة المفرطة أيضاً.


"قبل ذلك تعلم ما أناَ بصدد سؤاله بريم.. أجبنيِ أرجوك؟" أمال بون رأسه للجاَنب محاَولاً الملاطفة و المسايرة قدر الإمكان لكن حقيقةً أوصاله أخذت بالإرتعاش و أخذ يفرك يداَه المتعرقتاَن ببعضها يحاول تمالك نفسه. الإجابة الّتي لطاَلماَ بحث عنهاَ لِطولِ سنةٍ ستُكشف له بهذه الليْلة، مما يعنيِ شيئان؛ إمَّا خسارته للأبد أو فوزه الآن و بهذه اللّحظة.


"ذهبتُ إلى اليابان للتّداويِ"


---------عودة في الزمن---------


"يا اِلهيِ بريم لما أخفيْت أمراً مثل هذا عن بون؟ ماذا لو اِكتشف الأمر بنفسه؟؟ ماذا لو-"


"هاي فلوك توقّف، خذْ نفساً عميقاً، إفتح أذناكَ جيداً و اِصغِ"


"لكن بون-"


"لقد إتخذت قراريِ و اِنتهى الأمر، فلوك. ثمّ إن هذاَ سيكون في مصلحَته، من سَيحب أن يكون له حبيبٌ مريض؟ و الأمر أصلاً لن يطول كثيراً. أقسم"


"لازلت أرىَ لو أنّك أخبرتَ بون بالأمر من الأول لكان أفضل بكثير"


"تعلم بون و تسرّعه جيّداً. سيفرّط في موسيقاه لِأجلي و أنا لا أريد ذلك. مستقبله أهمّ"


"هممم"


"إيرث الوحيد الذي يعلم بالأمر، حاول أن تسكته قدر الإمكان أرجوك. تعلم حبيبكَ و لسانه الطّويل"


"لحظة كيف سنبقىَ على اتصال؟؟"


"سأتّصل أنا بكما"


"ماذا إن حدث لك مكروه؟ ثمّ إنه لنا الحق أن نعلم الّذي يحصل معكَ على الأقل!!!"


"أرجوك فلوك لا تحاول"


"كما تشاء بريم. لكن إعلم أنّك ستفطر قلبَه"


"ينفطر قلبه الآن أفضل من أن يراِني و أنا أموت. ألا تظن ذلك؟"


"سيشتاق إليك"


"ما إن أعود حتّى أملأ فراغات شوقه حُبًّا مُضاعفاً"


"لحظة هل هذاَ من أقوالِ دورٍ من أدوارك السّابقة؟ الآن أعلم ما الجيد في أن تكون ممثلاً"


"اللّعنة عليك"


---------نهاية العودة في الزمن---------


"تقول أنَّك أخفيتَ أمرا مثل هذا عني؟ ما اللّعنة بريم؟! كيف حالك الآن؟ هل أنتَ بخيْر؟ هل نجحت عمليّة الإستئصال؟ هل تمّ كلّ شيء على ما يرام؟" ينتفض بون من مكانه لِينقضّ على حبيبِه يتفقّده بهستيِريّة و قد ظهرت الصّدمة على محيّاه بينماَ ذرفت عيناه دموعاً صامتةً.


"هاي بون!" يختلّ نَفَسُ بريم لِرؤيَة دموعِ بون و الّتي لمست شيئاً ما عميقا داخله، جفّ حلقُه و اِحمرّت عيناَه، يشعر بالذّنب ينهشه أكثر بعد كلّ ثانية. و قناع القوّة خاصّة بون قد تبدد بالفعل، دموعه غطّت وجنتاه و أعمت مقلتاَه لِحرارتها.


"بون! أنظر عزيزي أنا هناَ-ا الآن همم؟ أ-أنا بخير إهدئ" يأخذ وجه الأكبر بينَ أناَمله اللّطيفة لِيمرّرها على خدّاه الّلذان أظهَر لونهما الشّاحب وهناً مفاجئاً لِما اِعتاد أن يراه بها بريم فعظام وجهه كادت أن تشقَّ جلده من حدّتها و بروزها. هنا لم يستطع بريم أن يتماسك أكثر، بل عادت له ذكريات المشفىَ و العذاب الّذي خاضه في رحلَته مع المرض.


و الآن فقط علِمَ لو أنّه أخبر بون بالأمر و أراح كلاهما عناء الفراق لما؛ إحتاج هو أن يستأنس بشبح حبيبِه في أقسى لياليه، و لا إضطرّ أن يتركَ بون و يكسرَ قلبه بينما يعلم أشدّ العلم أنّ أشلاء قلبه المحطّم ستعود على كلاهما و تجرحُهما عميقاً.


هو لم يحدّثه عن تلك اللّيالي أو عن أدنى تفصيلٍ يُذكَر بعد و هاهو يبكي بحرارةٍ في حضنِه. و كم حطّم ذلك بريم و أرهف قُدرته على الكتمان و الإصطناع أكثر..


"أ-أتعلم.. عندما كانوا يضعون ذ-ذلك السّم بجسدي. و كأنّه كان يتمّ سلخ جلديِ عنّي و- إلقائيِ في دورَةٍ لا متناهية من الألم. ك-كنت أتمنَّى أن أفقد أنفاسي على أن أعيش و أرى الجحيم بأمّ أعيُنيِ ب-بون" يُجهشُ بريم بالبكاء و قد تكوّر على نفسه في حضنِ الأكبر مُسترجعاً كلّ دمعةٍ بكاهاَ في غيابِ الآخر و كلّ صرخة موتٍ خرجت منه على أملِ أن يجد سنداً و يداً تحضنه في لياليِه الموجعة.


"ل-لقد إنتظرتُكَ. بكيْتُ إسمَكَ و إنتظرتُ معجزةً ما تجلبكَ إليَّ و تدلُّكَ على مكاني.. أ-أنا عندماَ فقدتُ آخر شعرة برأسيِ فكرَّتُ بكم سأبدُو قبيحاً في عيْنيْكَ. ل-كنني رفضتُ بشدَّة بل فكَّرتُ بِكم كان ذلك لِيُحزِنكَ و يُبكيِكَ، و ظننت أنَّني فعلت الصّوابَ بعدم إخباريِ لك لأنَّ-نَّني أكره أن أ-أكون سبب دموعكَ ب-بون.."


"أنا آسف... بريمي.. ا-آسف"
يعمقُ بون الحضن على فتاه الّذي بدأت شهقاته تكفُّ تدريجيًّا و قد شعر بقلبه الّذي كاد يقفز من بين ضلوعه لِينضمَّ إلى خاصّته


"أ-أكره ذلك أنا أكرهه.." قبضتاَ بريم الّتي أمسكت بِطرفيْ ياقة بون إرتخت و حرّكهاَ ببطء لِيريحَهاَ على كتفيِْه ثمّ يستنشق ماء أنفه معلِناً هدوئه التّام. عندهاَ فقط تركَ نظراته تسقط على عيْنيْ الأكبر المحمرّة بخفة و الّتي عكستْ بسمَةً تشكّلت بشكل جميل على محيَّاه.


"كم أنتَ طفل باكٍ"


"لكنّكَ بكيْتَ أيضاً!!"


"بكيْتُ لأنني جعلتُكَ تبكي؟"


"و أنا بكيْتُ لأنّكَ بكيْتَ لأنَّك جعلتني أبكي"


"أوه بحقك" يتنهّد بريم مطوّلاً مصطنعاً الإنزعاَج لكنَّه في الواقعِ يشعر براحةٍ نفسيَّةٍ و طمأنينةٍ أعادَت إليْه روحَه منذ سنةٍ.


ينقُرُ على أرنبَة أنفِ بون بينماَ لايزال ملازماً حضنه و قد بدى أنّ السّكينَةَ قد وجدت طريِقها إليْهما ثانيَةً.


"ما الأمر؟" يسأل بون بنبرةٍ ضاحكَةٍ و إبتسامةٍ أظهرت أسنانه اللّطيفة و الّتي خطفت إنتباه بريم


"هاي لقد قامت طبيبة أسنانكَ بعملٍ جيّد!!"


"طبعاً فعلتْ! حتّى أنني تخلّصت من المقوّم أخيرا لأجلك"


"أسنان جميلة أيّها المتباَهِ. أنظر لقد صبغتُ شعريِ لأجلكَ أيضاً"


"تبدُو وسيماً بريمي~~ أظن أنَّني سأقع في حبَّك مرّةً ثانية"


"توقّف عن ذلك! ثمّ أنَّك لم تجب عن سؤالي بعد؟؟ هل واعدتَ من بعدي؟"


"بربّك ما هذا السّؤال بريم، هل تثق بي حتَّى؟ أنا هو المخطئ الّذي فكّر بمفاجئتك بِشراء الخاتم البا--"


"خاتم ماذا؟"


"اءءء ل-لم أقُل خاتم قلْتُ- دعهاَ تمرُّ أرجوك"


"لحظة هل أخبركَ إيرث بشيء ما؟؟؟"


"لكيْ أصدقك القول..."


"اللعنة عليه!!! متى علمت و ما الّذي أخبركَ به تماما؟"


"حقيقةً لم أعلم إلا البارحة، ثمَّ أنّي لم أعلم شيئاً عن مرضك. هو فقط أخبرني بيوم قدومكَ لِذا-"


"تشه ليس إيرث إن لم يكن طويِل اللّسان كعادته"


"على الأقل حفظ لسانه لمدّة سنة. ثمّ إنّ ذلك ساعدنيِ لأتحضّر نفسيًّا"


"هذا صحيح" يتمتمُ بريم على مضض لِيجفَلَ عندماَ إستقام بون من مكانِه فجأةً مما جعله يسقط على الأرضيّة دون رحمة


"اخخ مؤخرتيِ" أخذ يمسّد مؤخّرته و ورْكيْه بينماَ ينظرُ إلى بون الّذي لا يبدُو أنّه لاحظ سقوط الآخر أصلاً، كان مستغرقاً في البحث عن شيءٍ ما في الدُولاب و هذاَ جعلَه مهتمًّا لوهلَة


"هاي بون ما الذي دهاك؟ عن ماذا تبحث في هذه الساعة المتأخرة؟؟" إستفسر بريم عند نهوضه و نفضِه الغبار الخياليّ عن بيجامة نومه لكنّه لم يتلقَّ إجابَة بعد لِذاَ إقترب بخطواته منه بحذر و حاول إستراق النّظر إلى بون الّذي حمل ملامح جديّة لوهلة.


"بون؟ قل لي عن ما تبحث عنه سأساعدك-"


يلتفتُ بون فجأةً لِيدفعَ بريم على السّرير يجعلُه يستلقيِ بينما إقتربَ هو ليَعتليِه مباشرةً، وجهيْهما على بعد نَفسٍ واحدٍ، كبّلَ بون ساقاي بريم بخاصّته و ذراعيْه فوق رأسه بِيدٍ بينما اليد الأخرى إستعملها لِيستند عليْهاَ


"ما-"


"أصمت" يرغمه بون على صنع تواصلٍ بصريٍّ بينهما و قد ضاع في طيَّات سوداويَّتاه الّتي كانت كمرآةٍ عاكسة لمشاعرِه، و قد جعله ذلك يضع إبتسامةً هائمةً و حالمة قبل أن يَقتربَ و يُقبِّل طرف شفتيْ بريم ببطء شديد، و كأنّه كان يوثِّق اللّحظة بثوانيها التي باتت ثقيِلة جداً و مُثْقلةً لِقلبِ الأصغر.


"أحبُّكَ، هل تقبلُ أن نصبحَ أحبَّاء ثانيةً؟"


و حقيقَةً لم يستطع بريم التّطرّق إلى ما يشير إليْه بون إلاَّ عندماَ أحاطت بنصره بروُدةٌ، فيرْفَعُ يداه إلى مستوى وجهه و عندهاَ هو إغرورَقت عيناَه دموعاً.. تموضَع هناَك خاتمٌ فضيٌّ زيَّنت بعض الأحجار مُحيِطَه و أعطتْه بريقاً زرمقيًّا خاطفاً للأنفُسِ و مثيراً للأعيُن


"أنظر لديَّ واحدٌ أيضاً" يرفع بون يدَه لِيُرِيَ بريم خاصَّته و الّذي ناسبَ الآخر كثيراً و بطريقةٍ مثاليّة للغاية كمَّل اللّونان بعضهما و بَرَقاً معاً. تماَماً كنبضُ قلبيْهما الّذيِ تناسبَ و أنفاسهماَ الّتي أصبحت تختلُّ بِاِبتعادهما..


"هذاَ.. أجمل ما رأتْ أعيُنيِ بون.. لا أستطيع وصف ما أشعر به الآن" يُحاول بريم التّحدّث من بين دموعِه بينماَ أخذ بون يسدُّ المسافة بينهما ثانيَةً.


"لا داعي أن تصف فقط قُلْهاَ" يهمِسُ الأكبر و قد تمرّدَت يدُه لِتلعب بخصلات حبيبه الفضيَّة ثمَّ أذنه السّاخنة جرّاء اِحمرارها بشراسة.


"قُلهاَ بريم.. هيَّا~" يهمسُ ثانيَةً تماماً عندَ شفتيْه لِيصبّ جلّ نظره على تلك المكتنزة و الّتي دعتهُ لِيقبّلها و يعذّبها ثمّ يتفنن في امتصاصها كحلوى كرزيَّةٍ مسكرةٍ تُثملُه تماما في هذه السّاعة المتأخرّة من اللّيل.


"أنا.. أُحبَّك و أقبل أن أكون حبيبك ثانية بون نوبانُت" كانت كلماَته كالضّوء الأخضر لبون و الّذي تجمّد عقله تماما و جفّ حلقه في لحظة إنقضاضه على شفتيْ حبيبه، يرويِ منها عطشَ أشبه بالقرن..


حينهاَ و بعد القبلة الأولى، ثمّ الثّانية و الأخرى. فقط حينهاَ بريم اِستوعَب كم أنَّه أخطئ في تقدير حبِّ الأكبر له في الأشهر الماضيَة.. هو ظنَّ أنه أصبح منسيًّا تماما بالنّسبة له، ظنّ أن حبَّه هذا اِندثر و اِختفى و أصبح أضعف من بضع مشاعر نكنُّها لِشخصٍ أشبه بميّتٍ. لشخصٍ لا نراه بأعيننا لِكنّنا، و التّأكيد، نفعل بقلوبنا.. و بأكثر، بل بأرواحنا..


"أوه نسيتُ إخبارك شيئا ما. كاو و اوم دبّراً لي ليلة عابرة مع شابٍ ما"


"ماذا؟!؟!؟!؟ أخبرتني أنك لم تجرّب المواعدة من بعدي هل جرّبت الجنس عوض ذلك؟!؟!!؟!!!"


"هاي إهدئ إن لم يؤكد إيرث لي أنّك كنت في اليابان طول الوقت و ستعود اليوم كنتُ لأكوُن بين ذراعيْ فتاً آخر الآن~~"


"أتمنى لو أنّك فعلتها كنتُ لذبحتكما معاً و علّقت رأسيْكما أعلى باب الشّقة"


"هاي لا تكن بهذه القسوة ما الخاطئ في أن أستمتع بوقتي قليلا~~~"


"تستمع بوقتكَ و مؤخرتي لا تزال موجودة؟؟ في أحلامك عزيزي و الآن أين بون الصّغير هيَّا اِحشره بي هيَّا هيَّا~~"


"ما الذي دهاك هل أنت ثمل؟؟!؟!؟؟؟"


"ثمل بحبِّك بون بون~"


"سأعطيك ١ من ١٠ لإبتذالك هذا بريم وارُت"





.


[نهاية]


أتمنى أنّكم استمتعتم بقراءة الوانشوت~


حبيتو الوصف؟


الموضوع؟


بون و بريم الي حاولت قدر الإمكان أشبههم بأنفسهم في الحقيقة و الي حسيت اني ينييميحصمصك ما وفّقت ا.ب.د.ا؟


اني واي كيف الوانشوت عموما؟ أتمنى اني عرفت كيف اتصرف في الموضوع و أفكاري و بس والله


و شكرااا أتمنى تتطلعون للي رح أكتبه من هون و جاي~~















Comment