paint - ing

الشَغَف
هو شعور بالحماس الشديد / رغبة لا تُقاوم تجاه شخص أو شيء ما وشعور قوي بالاندفاع بكل الحواس الحِسية والجسدية والنفسية ؛ هي ازدياد هرمونات الاداريان و الدوبامين واثنين آخرين من محفزات السعادة..، كالتي تُحَفز عند تعاطي المتعاطيين .. او تدخين المدخنين
او حتى عند مقابلة المحبين والعزيزين


يمكن أن يكون الشغف اهتمامًا متلهفًا و إعجابًا / تمتعًا حماسيًا للغاية ويصل إلى حد الانجذاب الشديد والتضحية والعاطفة تجاه شخص ما


لذا


هو شغوف ، شغوف جدًا


،


V



،


__________________________________



في مكانٍ يُسمى بـ مركَز V للفُنون والتُحَف
مُنذ الرابِعة صباحًا حتى السادِسة وهو موعد الافتتاح


كانَ يتواجد .. صبي او رجل .. إنما عاشِق وشغِف
لا يتعب ، لا يُحس ، ولا يسمَع شيئا


حينما يُقابل الخلفية البيضاء ، يشعُر بكل حواسه تُجَن


فور ما تعتب قدميه على عتبات هذا المكان ، اخر ما يفعله واعيا هو فقط ترك دماغه خارجًا .. او اطفائه
ثم يترك حرية جسده كلها لتستقر على تلك الخلفيات .. لتصبح لاحقًا


فَنًا 


ليدخل الى عالمٍ مختلف ، عالم اما ابيض نظيف او جُنون مُلَون ، وهو ما يُمتعه


هو ما كان يُشغله عن تلك الحادِثة ؛ واصبَح لاحقًا يتظاهر بحُبه ، والآن اصبَح هو شغَفه .


هو شغوف ، شغوف للغاية .


على اليمين ، رُكن الموسيقى الصغير خاصته
تقدَم اليه ووضع القُرص لتبدأ الموسيقى باللعِب ويبدأ القِرص بالدوران


وهو ، كذلك .


Why couldn't I tell you back then


It hurts anyway


I really can't stand it


Now cry


تزامُنًا مع كُل كلمة ، رّسَم اكثَر واعنَف واسرَع واقسَى


وكانت الكَلِمات الوحيدة التي يَفهمُها عقله هي كلمات الاغنية


تزامنًا مع الكلمات التي عَنت البُكاء ، عَنت عيناه ان تطلق سراح الدموع كذلك


اصبَح يرسُم ، وهو يَدمع


اصبَح يرسُم دموعًا ايضًا


تنهمِر الدموع من عينَيه لكن تعابير وجُهه لاتبدو باكيةً ابدًا .. وكأنه يبَكي بلا علم.


بل هو كذلك. 



I'm just so sorry for you


I cry again because I couldn't protect you


Deeper, deeper, only the wounds get deeper


now cry


ومجددًا تتكَرر هذه الحَلقة بلا نهاية حتى يُصاب بالجُنون ويُمسك رأسه ناظرًا حوله وكأنه لايعلم اين هو


يبدأ بالجزع حتى يُسقط اول لوحة ويُمزِق الاخيرة


حسنًا ، كان ذلك قبلَها ، هي ..،


-صَوت نقَر على البَاب-


يليه صُوت قدميَن ، تتجِهان اليه


تَلى ذلك يدَين تُلَف حولَه ، وجَسدٌ يحتضِنه ويندِفع تجاهه ، وكأنه اغَلى من وُجد


" يُورا .."
نادى على إسمها بطمأنينة وابتسامَةُ قلبٍ بهيجٍ ارتسمت


شُدَ على العِناق فتأكد تمامًا من هُويتها وتوسعت ابتسامته اكثر ، مُمسكًا بيدَها اللاتي تلتَف حوَل خصرِه


" ڤِي .."
ندهت هي علَيه بعدَ ترك طبعة شفتيها على خده واتخذت من جنبه الايمَن موضعًا لها للوقوف عِندَه


" لقد اتيتِ .."
قَال على حياءٍ وهو يبتسم للارض ، كان سعيدًا وجِدًا بِها كما تَسعد الارضُ ونباتُها بالمَطر


وكما تُروى الارضُ بالامطار ، رُويَ هُو بعودتِها إليه ...، مُجددًا


" سأعود غدًا ايضًا ، لأجلِك "
تعلَقت بكتفه بينما تِقرب وجنتها من خاصته ، تغمُرها النشوة برفقَته ، شابكت اصابع يَدها بخاصته التي غلبتها حجمًا


" ا تذكرين ، حينما هَربتِني وجعلتِهم يُلاحقوننا ..؟"
قال ، وهي بين ذراعيه تدلل بنظراتها علَيه ..وهو يُجاريها ويُحبها اكثَر كل ثانيةٍ تمُر


قهقهت قبل ان تُجيب
" اجل وكيف لا افعل "
قال وهي على حواف الانهيار ، فتلك الذكرى لاتُنسى بينهمُا ... كل تِلك الاسِرة وكُل تلك المُدافعات فقط لمحاولة الحصول عليهما مجددًا .. كان امرًا لايُنسى بالتاكيد


تبادلا النظرات قليلًا قبلما يندفِع هو ليطبَع قُبلةً على شفتيها مواليًا ذلك وجنتها مُقربًا يّدها الى وجهه


" كان ذلك امرًا لايُنسى .. يا ڤِي "
قالت يُورا ، وهي تدفن رأسها عِند رقبته لتستنشق آخرَ عبيرٍ من رائحته المميزة ..، مزيج من الارتباك والقلق وبعض الخذلان.. مُرققًا كلَ ذلك بالحُب ، بحُبها


" انتِ التي لاتُنسَين "
همَس ڤِي ، وهُو يُعاود سَحبها إليه ما إن احَس انها ابتَعدت ، لم يُمسكها تمامًا في المرةِ الاولى فترك فُرشاته ونهَض يلحقُها


" يُورا لا تّذهبي .. ليسَ مُجددًا ارجوكِ ... انتِ تعنينَ كل شيئ لي ... انتِ مَخرجي من هذا الجحيم ، من دُونك ... هذا المّكان باتَ كئيبًا كدُرجٌ فُقدَ مِفتاحه وبَقي مُغلقًا ... للأبد ...، من دُونك يا يُورا .. انا كذلك الدُرج تمامًا .. ومعَك ، انا كمَن سُكب عليه نُورُ خَبره ... انا معكِ كما اللوحةُ والفُرشاة ومن دونك انا لافائدة لي ..! فمهما تواجدت الالوان .. الفنُ لايُعنى له ان لم يملك صاحبُه فُرشاة تُرشده  ... معكِ انا بخير يا يُورا ..! "


وعلى آخر حوافِ كلامه ، انحدرت دموعُه على اطرافِ عينَاه وإنقَضت اسنانُه تعُضُ شفتاه كتمًا لبُكائه وخوفه وقلقه ..وجميعهم مُسكَتون بسبب حُبه


هي لاتُحب رويته باكيًا ..، فمن حُبهِ ان لا يُريها ذلك


" ڤِي " 
آخر ما ندهَت بإسمِهِ ثم اغلَقت عيناها لتطبَع على خاصتَيه قُبلةَ وداعٍ اخيرة ..، لينتظر مجددًا عودتها ليومٍ آخر


وبينمَا تلاشت من اماِمه كما الرمَاد يفعَل


بَكى حتى ارمَد البُكاء عيناه ، بدأ بالنَحيب ما ان اشتعلت تلك الذِكرى في باله


ذلك اليوم ، ذلك الحادث


تلك الليلة وتلك الحادثة المتهورة ، اصبح حاله الان.. بُكاء شديد .. تنفسٌ سريع وعنيف آلّم له حَلقه ورئته
اجهشَ بالبُكاء واصبح يُغطي عينَيه بيديه


نظَر حوَله وذهَب تجَاه اللوحة وما إن وَصلَ حتى استهلك لونَ مساءِ سماءِ تلك الليلة ، الأسَود


غَلفَ يدَاه ولطخَ الارضَ حَولَه ، الآن يمسك وجهه ليتلَطخ  ايضًا كما الجُدران والارض ..


بقيَ على ذلك الحَال لنصفِ ساعة ... ساَعة ... حَتى إنقضَى


———————————————


Why couldn't I tell you back then?


It hurts anyway
I really can't stand it


Who took my sins instead ?


You were only weak
Stop crying and tell me something



"Why did you do that to me then?"


"sorry"


Even if I hide it, it won't be erased


"Are you calling me a sinner?"


What else can I say


——————————————
"مَن أخذ ذَنبي مَن تَحمل اخطائي ودفع نتيجَتها؟ "
سألَ ولم يُجبه احد


فجزَع


انتَ كُنتَ ضعيفا ومجروحا فحسب !


توَقف عن البُكاء واخبرني شيئًا !


ترددت المشاهِد في باله  مُجددًا ، وتوالت صرخاته تلك الصور البشعة في عقله


مشاهد تِلك الليلة


السِكين والثياب والجُدران الملطخة بالدم


القلب والزجاج المكسوران متناثرة اشلائهما في كل زاوية


والجثة والزهرة .. بجانب بعضهما .. هامدتان لاحراكَ لهمُا


"مالذي يمكنني قوله ؟ ، اتِناديني بالمُذنب ! "





———————


" ڤِي حان موعد الادوية .... ڤِي-؟"
ملاكُ الرحمة نادى على المسكين ولا توجد استجابة


" الا تعلمين ؟ انها ذكرى حادثته ، دعيه لن يستمع اليوم على اية حال "
شيطانِ بزي الملاك قد نطق لها ، وهو يُعدل نظارته ويُقلب سماعته بين يديه وكأنها حصاد تعبه وليست حصيلَ الغِش ، ثُم ذهب خارجًا تاركًا الاخرى لمناوبتها


" صحيح .. ياله من مسكين "
تراجعت ملاك الرحمة خاصته واتخذت طريقها بعيدًا عن جناحه المُمَيز .. الخَاص .... عَن مَعرَضِه وعَرضِه.


———————


Red, irreversible blood flows 


I feel like every day will die deeper


Let me be punished


Forgive my sins


please


ويَزال هُو فِي هيستيريته ..، ممسكًا رأسه وشادًا على شعره مُعتذرًا بعد كل مَشهدٍ يمُر على بالِه ، مِن تِلك اللية


ويَستَمر عقلِه بالتَحاقُر معه وزيادتُه من تفاصيِل ذلك اليوم ، اليَوم الذي عانى فيه من اوَل اعراض اضطرابه


في تلك الليلة


الخالِية من الضمير والَشَر ، المَملُوءَة بالشَغَف والمَرض
——————-



" استميحكِ عذرًا لكن ايمكنك اخباري ماذا حَل به ؟ ذاك المريض في ذلك الجناح المميز ؟ "


استدارت ملاك الرحمة استجابةً للأُخرى ، وما إن فهمت مُرادها ابدت تعابير شفقة وحزن ملخصةً لها حالته


" انه المريض الجديد ، اتى منذ ثلاثة شهور وسيُكمل الرابع ...، الشاب المسكين تراوده تخيلات وتهيؤات كثيرة في هذا اليوم من السنة ... انه يتوهم احبابه دومًا لكن في هذا اليوم يتوهم فتاةً ما يُنادي عليها بـ يُورا ..، يبقى مع ذلك الوهم بشكلٍ اقرب للطبيعي .. بل يكاد يكون سليمًا تماما معها ويرسم بشغف وحُب معها ، لكن ما ان تدُق الساعة الثالثة فجرًا حتى تاتيه حالة هيستيرية ..عنيفة ومخيفة جدًا .. يبقى ينادي ويصرخ ويخرب كل لوحاته ... "


قالت وهي تضم شفتيها بحزن ، حتى وهي تشرح حالته تشعر بالاسف عليه


"ياللخسارة ، لوحاته كانت جميلةً جدًا-"


" انتِ محقة هي كذلك ! اعني انتِ لاترينه حينما يرسم .. يكاد يبدو اكثر مجنون سليم بينهم ولوحاته تدل على جنونه العاقل .. لكن ما ان يتوهم مجددًا ويبدأ الامر.."
ارخت رأسها وطأطأته بأسف


" لكن اوهام كذلك عادةً تُصاحب المُذنبين .. وانا اعني ذلك النوع من المُذنبين في تلك القضايا..."
قالت وهي تضع يديَها في جَيبَي معطَفها الكُحلي ، وتضع حلوى المصاص في فمها


" اوه اجل بالتأكيد ، هذا على الاقل ما اكده الاخرون .. لكنهم وجدوه ملطخًا  في مقر الحادثة ، لكني حقًا لا اظنه الفاعل لأن مسرح الجريمة-"


لم تُكمل حديثها لأنَ التي امامها غرزت في رقبتها قطعَة زجاج كبيرة ، ما ان سقطت الملاك تقدمت الفتاة وعبرت خلالها بينما روح الاخرى تُزهَق ..


" بالطبّع كان هو الفاعل ياهذه ، إنه اخي ايتها النكرة ، ان لم يكُن هو ، فأنّا "
رمت كلماتها كما رمت بواقي قطع الزجاج على الارض ، كذلك ازالت عِلكتها واخذت تُقَلب حلوى المصاص داخل فمها بسعادة وهي تستطعم السُكَر في فمِها ، بدت راضيةً جِدًا


بل كانت كذلك بالفِعل ..


سَارت الى الامام حَتى وصَلت الى الجَناح المُميز ، الخاص بأخيها ...، الى مَعرضه


فَتحت الباب وابتسامة شر ومتعة على محيا الصغيرة ، انها الشيطان بحد ذاته


" شِيما ! "
قَال ڤِي حينما وجَدها على فُجاءة  ، وهي تُمسكه وتجعله يقف متغاضيةً عن الدهان الاسود الذي لطخها بسببه


" اجل ڤِي ، لقد عُدنا لأجلك "
ابتسمت له وتركته ليحدق بها ويتحقق منها


اخَذ هو فرشاةَ وكسرها لنصفين وخَدش بها وجهَ التي معه ، ما ان رأى سيلان الدم من على وجنتها بادلها البسمة وعانقها باقوى مالديه


" لستِ وهمًا بل حقيقة ، لستِ وهمًا بل انتِ حقيقة !"


" اجل ڤِي ، انا حقيقة "
ابتسمت ابتسامة دافئة ، عكس افعالها السابقة .. اعطته ابتسامة تشبه شمسَ صباحَ الرَبيع .. تلك النوع من الشموس .. التَي تجعَل الزَهر يُزهِر والمُحيطَ يَمُوج .. والمُسكرة تُسكِر ...،


____________


" يُورا ! "
هرعَ الى اعمق اعماق حُضنها ودفن نفسه بينَ يديها ..، التي وسبقت قد حاصرت جسده


" اخبرتك اننا سنعود ، ڤِي "


" لقد ظَنوا ان شَغَفي كانت اللوحات المتهالكة تلك ..ظنوا اني تمسكت بها فاستطعتُ النّجاة لكن الحقيقة انا تمسكتُ بكم ... بِكِ انتِ "


قال  .. وهُما مستلقيان ..وهو قريبٌ اقربَ القُربِ منها


تبادلا النظرات
الابتسامات
الطمأنينة
والجُنون


ثُمَ قُبلةً واحدَة


" انتِ هي شَغفَي ... وشَغفي كانَ نجاتي ، لِذا انتِ الاثنين- ... لا انتِ ايضًا وهمِي واضطرابي وهُيامي ... انتِ هُم كُلهم "


.


1



2



3





~ تمت ~

Comment