third and final: hearts thief.

' الْشَيطانْ قَبلْ الْسُقوطْ كانْ مَلاكًا مُشتاقْ. ' أنبر دخيل غُرفة النيام ليلاً بخفوت و سُرعان ما سَرق القُلوب راكضًا لموقع قبوعهُ الأساسي.

" عاجل : من قلب الحَدث مُباشرةً أمام فتاة من عائلة متوسطة الحال فقيدة الفؤاد و المشاعر ، تسلل سارق الأفئدة المشهور تلك الليالي و سرق فؤاد فتاة تبلُغ الخامسة و العشرون ، و إستفاقت عائلتُها على هذا الخبر الشنيع صباحًا. "

" يجب على الأهالي توخي الحذر ليلاً فَـ هو عادةً ما يظهرُ وقت النوم و ستبذلُ الشُرطة كُل جُهدُها لتجدهُ. " كان الخبر يُذاع أمام من يُحاول جاهدًا لتجرُبة الفؤاد الحديث لمن أمامهُ ، و لكن كما العادة فشل.

لا يعلم لمَ يَحدُث معهُ هذا؟ ، و لمَ وقع في ورطةً كَـ هذة؟ ، و لمَ حتى الآن يُحاول بأملاً زائف؟ ، على ما يبدو أنهُ القلبُ المُشتاق.

هو يحترق شوقًا من اللهيب الذي يُحاصرهُ في أركان قلبهُ بداخل أعمق النقاط في مشاعرهُ ؛ زفر مُتعبًا و مُرهقًا ، فَـ هو يجب عليه السرقه ، مُجددًا.

بقى يُشاهد و يُقلب في قنوات الإذاعه و الأخبار المتدهور حالُها بسببهُ ، و حين مَّلَ أغلق التلفاز و إستمع لتخطيطات الشُرطة حولهُ لتُمسك به.

" ما أغباهُم. " أنبر ساخرًا ، فَـ هُم يُريدون الإمساك بمُجرم لا يزال في ريعان شبابهُ غبي في عقلهُم ، أما الغبي بين ذكاء عقلهُم المحدود ذرع أجهزة تصنُت يومًا ، حين كان لازال يُخطط ، حينما كان ملاكًا سعيد ، حين وَعدْ ، و هُنا ، الآن ، هو لن يُخلف بالوعد مهما حدث.

فَـ حين تعود ذاكرتهُ لأكثر الحوادث ضجة و إهتزازًا في اليابان العريقة ، و أكثرهُم جُرحًا في قلبهُ ، و حرقًا لمشاعرهُ ، تعود ذاكرتهُ بهُ حين سقط من ملاكًا لشيطان في الأرض.

حين يتذكر تشتد الدُنا حولهُ فَـ يعود مُخططًا ، و عازمًا على عدم الإخلاف بوعده.

مَرَّ النهار ، و شرع مُغلقًا ستائر الليل المُغيهب ببعض النجوم للإنارة ، أما عن القمر فَـ كان مُعتمًا يسير مُتخفيًا بداخل سُترة ثقيلة و قناع يخفي الوجه ، لا يسير لإشتمام الهواء النقي و الشعور بلفحات الريح الباردة على جسدهُ مثل البقية ، هو يسير لإحدى المنازل التالية ، منزل الضحية القادمة ، من سَيسرقُ قلبُهُ لأجل ما يُريد ، لأجل الوَعد.

هو قال يومًا أنهُ سيفعل المُستحيل ، و ها هو الآن يُنفذ ، هو الآن أمام المنزل ، و صعد للنوافذ ليلاً مُتسلقًا ليلجُ للمنزل.

تجمد أمام النافذة بينما العرق بدأ يتصبب منهُ رُغم الشتاء حولهُ ، و بداخل قلبهُ ؛ هو وجد ضحيتهُ ، أي من سيسرقُ فؤادُها لـ الليلة تقف أمام النافذة مُتبسمة لهُ ، و كأنها تعلم بقدومه؟.

فكت وصاد النافذة و تركتها على مصرعيها تجلس أعلى فراشُها ذو الشراشف الزرقاء ، تتحرك بكُل راحة ، بل و تُشير لهُ بالجلوس بجانبُها على الفراش ، و كأن من أمامُها ليس سارق أفئدة ، و ليس و كأنُها ضحيته!.

ولج للداخل ببُطئ و حذر ينظُر لكل رُكن في الغُرفة ، فَـ هو يخشى أن تكون تُحضر لهُ مفاجأة ، و هي تسليمهُ للشُرطة.

" إجلس. " أنبرت مُفاجئةً إياه مرةً أُخرى.

" كيف تعلمين أني سآتي الليلة؟. "
أنبر مُستفسرًا بحدة ، فَـ هو يشعرُ بالفشل.

" إجلس. " قالت للمرة الثالثة على التوالي.

" ماذا تُريدين؟ تسليمي صحيح؟ ، أسف لتحطيم آمالُكِ الفاشلة لكن لن تستطيعي. " قال ينوي المُغادرة فتوقف أثر تمسكُها برسغهُ بشدة.

" إن كُنت أُريدُ تسليمك لم أكن لأرتاح ، و لم أكُن لأترك زوايا غُرفتي بلا كاميرات مُراقبة ، أو الإتصال بالشُرطة في الخفاء ، أنا فقط أُريد بقائك لأني مُهتمة بجرائمك ، و الحدث الذي ذرع الشغف فيكَ لترتكب جرائم في حقُنا هكذا. " أنبرت مُتحمسة فإنعقدا حاجباه بتعجُب.

" حقًا؟. " قال يزفرُ بحنق.
" أفلتي يدي. " عاود القول يأمرُها.

" هل سترحل؟. " أنبرت مُستفسرة تتمسك بيداه فَـ نفض يداها ينظُر لأثر الإحمرار عليها.

تارة ينظرُ لها و لعيناها اللتي تلمع تترجاه و لرسُغهُ المحمرٌ ، لمَ هي تُذكرهُ لهذا الحد؟ لمَ؟.

زفر بقوة غاضبًا يركلُ الهواء قبال النظر لها مُجددًا ، تتبسم بأمل لجلوسهُ رفقتُها ، لكن تحطم كُل شئ حين غادر تاركًا إياها ، عابسة الوجه ومُتلاشية الآمال داخلُها.

أما عنهُ فَـ حين غادر تنفس بقوة ، لا يعلم ماذا حدث لتنفسهُ في الداخل و مالذي سحبهُ رُغم تنفسهُ بالشكل الطبيعي ، لا يدري لمَ تُذكرهُ ، لمَ حماسُها و بسمتُها و لمعة عيناها فيها؟ ، لمَ يتذكر؟ ، و لمَ كُل العوامل حولهُ تُذكرهُ؟ ، لمَ لا ينسى؟.

ركض أسفل أنظار الفتاة أعلاه ترمقهُ من النافذة ، وضعت كفُها على وجنتُها تُحاول زفير آمالُها الخائبة ، كانت تُريد معرفة لمَ يفعل ذلك ، لـ طالما سمعتْ عن جرائمهُ و إشتد الحماس داخلُها لتراه ، تتسائل داخلُها ، هل يا ترى سيعود؟.

هل يا ترى ذو العينان الجاحظة اللتي لا تأبي النوم سيعود؟ ، ذو العقل الذي لا يتوقف عن العمل ليلاً كان أو نهارًا.

جال بنظرهُ حيث يقبع ، إحدى أسّرْةْ المشفي أسفلهُ عند الجرارات الكثير من الزهر ، يكاد يستسلم ، و كُل مرةً يفشل يضع باقة من الزهور ، حتى الفراش الغير مُريح بات مُحاصر بهُم ؛ زفر بخفة ، و إستقام حيث توجد سلة المُهملات ، و إلتقط باقة الزهور الحديثة يضعها مع بقية إخوتها.

يجول بنظرهُ بين كُل تلك الزهور ، ألتلك الدرجة هو فشل؟ ، أحقًا فشل بعدد كُل تلك الزهور؟ ، هو فعل المُستحيل كما وَعْد ، فَـ لمَ حين يكاد ينجح في كُل مرة يفشل في الخطوة الأخيرة؟.

إنقضت الليالي بلا عوائق و حوادث منهُ ، حتى تعجبت الشُرطه ، فَـ ما بالُ المُجرم يوميًا يسرُق أفئدة لضحايا جُدد توقف فجأة  و من منظور أخر فإطمئنت الأهالي قائلةً أنهُ لن يعود ، و أُخرى فقدت الأمل لعودتهُ.

أما هو فَـ كان مُشتت ، ما بالُ الليالي تُذكرهُ؟ ، ما بالُ عقلهُ يوميًا لا يصمُت؟ ، لمَ يقبع وسط حلقه لا نهائية من التفكير ، و لمَ لا تُمحى الأحداث من عقله؟ ، ما بالُ الأيام مشوشة؟ ، و ما بالُ مشاعرهُ مائلة؟ ، ما بالهُ يتذكرُها؟!.

إستقام يزفرُ بخفة ينفُض أفكارهُ يلتقط معطفهُ الرثّْ ليخرُج ؛ لا يعلم لمَ يفعل ذلك لكنهُ يتبعْ إحساسهُ ، عل و عسى أن يدلهُ على الصواب.

و بين الهواء الشَديدْ و أسفل الغَسَقْ حالكُ السواد ، كان يقف يفرُكُ كفاه ببعضهُما ينظُر أمامهُ ، منزل كبير الحجم مُحاصر بالأشجار ، و جهة أعلي اليسار ، كانت تقبع نافذتُها.

حين تسلق الشجرة صعودًا للنافذة تفاجئ بأنها مفتوحه ، و حين وَلجَ للداخل رآها مُتفاجئة و الإبتسامة عنوان محياها!.

" ظننتُكَ لن تأتيني!. "
قالت بنبرة فرحة.

" لا يُهم. " قال.
" أ تُريدين أن تسألي؟. " عاود القول.

أومأت بسُرعة بالإيجاب.
" ما هو أسمُكَ؟. " كَـ بداية سألت.

" هل نحنُ في جلسة للتعارُف؟. "
قال فَـ إستحت تتحمحم.

" لمَ تسرق أفئدتُنا؟. " إستفسرت تضع كفُها على وجنتُها تنتظر إجابتهُ.

" لعدم الخلاف بالوَعد. " أجاب.

" و ما هو الوعد؟. " عاودت الإستفسار.

" أني سأفعل المُستحيل إن حدث مكروهًا أصابُها. "

" من الذي أصابُها مكروهًا؟. "

" ميلا. " أطلق زفيرًا طويل بعدُها.

" من ميلا؟. "

" حبيبتي ، و محبوبتي ،
و كُل ما أملُك ، كُل عالمي. "

" مالذي أصابُها؟. "

" ضحية سارق الفؤاد من عام مضى ، كانت هي ، ميلا فاقدة الفؤاد و الشعور. " حاوط رأسهُ بيداه و حاول أن يحبس دمعهُ و أن تخرُج كلماته بسلاسة لا مُتعلثمة.

" لذلك تفعل هذا في الوقت الراهن؟. " إستفسرت تربطْ الأحداث ببعضها كاملة.

" أصبتي!. "

" لمَ لمْ تتجاهل الوعد و تنكث به كما البقية؟. "
أنبرت مسُتفسرة فَـ نظر داخل عيناها بحدة.

" الوعود خُلقت لتُنكث ، عبارة غبية ، الأشخاص الخاطئين من ينكثون بالوعد ، أما أنا فَـ لن أسمح ، لطالما كُنت جيدًا في نظرُها أما الآن تُريديني أن أتجاهلُها ببساطة لأنها فقط ، فاقدة شعور و فؤاد؟ ، إن قضيت كُل العُمر أبحثُ عن مثلُها لن أجد ، و لن توجد ، لأنها ببساطة واحدة لن تُكرر ، و لن أنكثُ وعدي لها ، و سأُكملُ ما بدأت ، فَـ الشيطان حين سقط ، لن يُرفع ، و لن يعودَ ملاكًا. " إستقام نهاية حديثهُ تاركًا إياها راحلاً ، أما عنها فَـ كانت مذهولة مما قال ، و مُتأثرة.

في حين هو جلس على الرصيف يحاصر عقلهُ بين كفاه يستذكر الماضي و حلاه ؛ يحبسُ نفسهُ بين ثنايا عقلهُ و الماضي و الذكرى ، يغرق بين أشياء مُتلاشية مثل الأعمى ، لا يسمع سوى صدى عقلهُ و أصّمْ عن صوت الحق ، هل حقًا عليه أن ينكثُ الوعد؟.

و كَـ دائرة الحياة النمطية ، فَـ إنقضت الليالي و الأيام تجرُها الأسابيع ، و هو أمام محبوبته فاقدة الحياة يجلس.

" تعلمين؟ فتاة أخبرتني أن أنكثُ وعدُنا ، غريب أمرُها في حين أنا أحاول ألا أقتنع ، و بصوت الحق لا أسمع ، هل ستبقين بهذا الحال؟ ، ألن تعودي؟ ، فعلت المُستحيل لكِ فَـ لمَ لا أرى أية إستجابة منكِ؟. "
أنبر بإرهاق يميل برأسهُ نائمًا على قدمُها.

" أفتقدُكِ و بشدة ، و كأن يوم الحادث دَبّتْ عاصفة تضربُ في قلبي ، و ليومنا هذا ، لا وجود للصيف ، و دبَّ الحُزن في قَلبي دَبيبُّ الدمْاء في أوردتْي. "
قال و زفر في الختام حزينًا ، فاقد الأمل و الآمال.

حين دَقتْ عقاربْ الساعة الواحدة بعد مُنتصف الليل تذكرُها ، فَـ إلتقط سُترته بين يداه يخرجُ ، يسير بين الطُرق الضاله ، يُفكرْ فيها ، لون خُصلاتُها كَـ لون الغَيهبْ ، عيناها ، أنفُها و شفتاها ، حماسُها و بعض طباعُها ، لكُثرة إشتياقهُ رآها فيها ، و الآن لا يعلم ، هل بات يقع؟.

في حين هو ينظُر لها تتذوق حلاوة الشعور و الحياة بـ فؤاد عزيز ، يُفكر ، هل إن أخذ القلب و ذرعهُ في ميلا سيتحقق المُحال؟ ، الذي عجز عنهُ مُنذ وقوع الحادث؟.

نفض أفكارهُ حالما وصل ، تسلق الشجرة و حين صَعدْ ، لم يتفاجئ بالنافذة المفتوحة إنتظارًا لهُ ، ولا لوجودها مُتحمسة لمجيئهُ ، ولج للداخل يجلسُ بجانبُها أعلى الفراش.

" تأخرت كثيرًا. " أنبرت تُعاتبهُ فَـ تجاهل حديثُها.

" أ تُريدين أن تسألي؟. " إستفسرت فأومئت بالإيجاب.

" هل تعتقد أن ميلا سَـ تستيقظ؟. "

" لا أعلم. "

" تشتاق لها؟. "

" بشدة ، مُحاصر بحبُها و بعذاب الهوى لبُعادها حتى وقتُنا هذا ، و لا أستطيع التخطي. " أجاب فزفرت بخفة.

" و ماذا بعد؟. "

" سأظل أفعل لأجلُها المُحال ، عسى أن تحلُّ مُعجزة و أراها تتذوق للحياة طعم و تُريني لون بهيج. "

" تعتقد أنكَ قد تفقد الأمل؟. "

" حين أرى فراشُها و زهور الأسف لفشلي أعزمُ للمحاولة من جديد ، لن يسُرني رؤيتُها بهذا الحال للأبد. "

" لمَ لم تُرحلُها للمشفي كما تفعل بقية الأهالي؟. "

" و من قال أني لم أفعل ، لكنها كانت أولى الحالات في اليابان ، يخترعون فيها علاج و يشوهونها ثُم يعطوني إياها مشوهة بدلاً من مُعافية ، لم تنجح ، فَـ لجئتُ لمحاولاتي الخاصة. "

" أ تشعُر بالإرتياح في سرقة أفئدتُنا؟
و تُشعر أهالينا كما تشعُر الآن؟. "
قالت فَـ رفع بصرهُ لعيناها.

" تُشبهيها ، و برؤيتها فيكِ أنا أفتقدها بشدة. "
إستقام بعدُها يهمُّ راحلاً.

أمام النهر تلك المرة جلس ، و بكى بحُرقة ، كما لم يبكي من قبل ، يراها في وجهُها رُغم أنها ليست هي ، يشعرُ بها ، رُغم فُقدانها للشعور و الفؤاد.

يفتقدُها بشدة ، حد النُخاع ، حتى بات يجتاحهُ الْتَرَحْ و أصابهُ الكَمَدْ ؛ ينظُر حيث كانوا سويًا يضحكون ، لا يعلم كيف آل بهُم حالهُم لهُنا ، هو يجلسُ وحيدًا أما عنها فَـ مُجرد طيف جسدهُ فاقد الشعور و الفؤاد في المنزل.

المنزل الذي لطالما إحتواهُم بدفئهُم و فيضان مشاعرهُم ، همساتهم اللطيفة و غزلهُم الرخيص ، و قهقهاتهُم السعيدة ، بات يخلوا من هذا و ذاك عداه كَـ شخصًا جديد ، كَـ شيطانًا مُشتاق ، أما عنها فَـ تُحاصرُها باقات الزهور كَـ الإعتذار الفاشل.

يتذكر كيف كانا يتراقصان على ألحان الموسيقي الهادئة قي الشوارع الفارغة ليلاً ، كيف كانا يتبادلان القُبل سويًا حُبًا ، و كيف كانا أسفل الوَدَقْ حين سقط عليهُم بغزارة يُبللهُم ، يمسكُ أناملُها يُشابكُها بين يداه يركضُ بها للمنزل.

و حين جلسا أرضًا على غطاء للأرض العُشبية بين نسمات ريح الربيع اللطيف ، يمسكُ بأعواد العنب يرميها داخل فمها الملئ بالكثير بالحبات منهُ ، ياللطافة ، الآن و بين هذا البؤس ، الدُنا إشتدت بها الرياح العاصفة ، أما هو فَـ كساه الشتاء ، و بات مُثلجًا.

يتذكر أيضًا حين صعدا على القارب الصغير ، و إستمعا لأغانيهُم المُفضلة بينما يتبادلان الأحاديث العشوائية ، و حين سقط في الماء فجأة فَـ صرخت تستنجد ليخرُجْ ، و تلتهُ تقفز لتُنقذهُ و لكن هي تحتاج لمن يُنقذُها ، ليتهُ كان مُنقذُها كما يقول ، لمَ كان حدث الذي حدث ، و ما آل بهُم حالهُم لهُنا.

يَتذكر حين إحتفل بيوم ميلادُها فاقدة للحياة من فترة ، و تمنى في نهايته الأُمنية عوضًا عنها ، كانت عودتها!.

يتذكر كُل ما يخصهُم ، لا ينسى أدق التفاصيل حين كان رفقتُها ، هو لا ينسي ، و لا يستطيع ذلك.

إنقضت لياليها تنجذب ، و هو قضى الباقي من لياليها المُشتاقة يتذكرُها ، و قضى لياليه يُفكر ، و أمام ميلا يُخطط ، أمامُها يبكي ، و يشبك أنمالهُم سوية فَـ تكون باردة ، لا يغمرُها الدفئ كالسابق ، حالُها المُزري رَقّتْ لهُ القلوب ، و ذرفت له العين الدموع ، تستلقي على فراشُها جاحظة الأعيُن ، لا تتحدث ، لا ترمش ، فاقدة للحياة ، عدى أنها تتنفس فقط.

جلس أمامُها يُحاول تدفئة يداها
" تعتقدين سأنجح؟ ، هل يُمكن أن تُحل مُشكلتُنا و يَحلٌ عنا كُل الحُزن ، و يحلٌ عني شتائي؟. " هو إنتظر إجابتُها ، و كانت الإجابة الصمت ، كَـ باقي الإجابات.

زفر بخفة خائب الأمل ، و حين أتاه موعده لـ الليلة الثالثة خرج ، بين يداه معطفهُ و أعلى رأسهُ قُبعتهُ ، و لا ننسى قناعهُ ؛ و بكُل الجُهد يُحاول ألا يقع ، و ألا يخون ، ألا ينكث.

لطالما كان شخصًا جيدًا ، في حين قال أنها واحدة و مهما حاول أن يجمع من الناس مُميزاتُها و شكلُها فَـ لن يفلح ، إذن ما الذي جرى؟.

و في الليلة الثالثة هو يُجزمْ أنها المرة الوحيدة الذي يكون فيها خائفًا مُترددًا بهكذا شكل.

حين وصل ، رمق المنزل من أعلاه لأسفلهُ بخفة قبل أن يذهب في طريقهُ ، مُتسلقًا الشجرة ، يصعد إليها.

" أ تُريدين أن تسألي؟. " جذب إنتابههُا نبرتهُ
هذا الذي يجلس على حواف النافذة.

اومأت بالإيجاب
" ألا تستطيع التخطي؟. "
سألت مُنعقدة الحاجابان.

" لا أعلم. " أجاب.

" بماذا تشعُر في غيابُها؟. "

" كَـ الروح الضالة ، كَـ فقيد المنزل. "

" في كُل تلك الأفئدة فاشلة النفع ،
ماذا فعلت بهُم حين لم تستيقظ هي؟. "

" لا شئ ، كُل ليلةً أفشل أخرجُ لجلب الزهور ، و أتركهُم كَـ ذكري لبقية محاولاتي الفاشلة. "
أجاب ، و حين أنتهى غلف أجوائهُم الصمت.

" أ تُريد أن تسأل؟. " إستفسرت عوضًا عنهُ تلك المرة فَـ رفع رأسهُ مُندهشًا ، قبل أن يومئ بالإيجاب.

" بماذا تشعُرين نحوي؟. " سأل مما فاجئُها ، تلاقت أبصارهُم ، خاصته جدية أما عنها فَـ خجلة.

" الحماس حولُك ، و الإنجذاب. " قالت أخر كلمة بنبرةً خفيضة و خجلة تُلاعُب أناملُها و تنكس رأسُها عوضًا عن النظر لهُ.

" هل لي بعناق؟. " إستفسر مما دعاها للتفاجئ مرة أُخرى ، ترددت ، قبل أن تومئ بخفة ترفع ذراعها إستعدادًا لقدومه.

أما عنهُ فلم يتردد في عناقُها بسُرعة ، لطالما إشتاق و أراد أن يشعُر بالدفئ يَغمرهُ كما كان يحدُث ، و ها هو شعر به ، مثلُها تمامًا ، دافئة مثلُها ، عانقها بقوة ، حتى كاد الشتاء أن يزول عنهُ.

" أنا أيضًا مُجذب لكِ. "
أنبر فَـ شهقت مُتفاجئة.

" لكنها الثالثة ، و الثالثة هُنا الأخيرة. "
عاود القول ، فرفعت وجهُها أمام وجههُ بمعالم مُستفسرة.

أخفض رأسُها ببُطئ و لُطف ، و إقترب من أُذنُها بشدة
" و المُجرم لا يجب أن يقع في حُب ضحاياه. "
أختم حديثهُ يدفعُها ، فَـ هَوت أعلى الفراش فاقدة الفؤاد ، و الفؤاد بين يداه يقبع.

لم يزول شتائهُ ، و لم يُرفع الشيطان كَـ ملاك للسماء مرةً أُخرى ، فَـ خدع ، و سرق ، لأجل من يشتاق ، لأن ميلا واحدة ، و لا تُكرر.

تلك الليلة لم يجلس يتذكر عشوائيات الماضي ، لقد ذهب مُسرعًا حيث المنزل ، حيث تقبع ميلا.

" مرحبًا ميلا ، أتيتُ مُجددًا بمحاولة جديدة و باقة من الزهور. " ألقي التحية عليها ، فَـ ردت عليه صامتة.

جلس أمامُها و بدأ بالمحاولة للخطوة الأخيرة ، يهابْ الفشل ، يخشى أن يضع الزهور كالإعتذار مرةً أُخرى.

حين وضع الفؤاد فيها ، لم يتغير شئ ، فَـ باتت بفؤاد ، و فاقدة للحياة كما العادة.

هو زفر بحنق حزينًا ، كان ما يهابهُ كان حدوث ذلك ، و حدث ما يخشاه ، و كأن محاولاته الفاشلة ستنجح في ليلة و ضُحاها.

إستقام يجلبُ الزهور ، فَـ حين إمتدت يداه لتأخذُها هو أعاد كفاه يمسح أثر الدمع ، كان يُريد النجاح لمرة واحدة ، يُريد أن يسمعها ويعانقُها فقط لمرة!.

" ريكي؟. "ولجت نبرتُها بين سمعه بينما يشهق و ينتحب باكيًا بحُرقة ، ظن أنها هلاوس عقلهُ.

" لمَ تبكي؟. " ولجت نبرتُها مُجددًا لمسامعه ، عوضًا عن الصموت هو أمسك بباقة الزهور يتأملُها.

" بسببُكِ! ، أنا حاولت بكُل الجُهد أن أُعيدُكِ لي ، لكن دومًا أفشل ، فعلتُ المُستحيل ، فعلتُ كل ما يُمكن أن أفعلهُ في سبيل أن تعودي ، لكن أنا فاشل ، و سأضع كما العادة باقة الزهور للتعبير عن أسفي لديكِ. "
إنتهي الحديث و حين إلتفت ، رآها!.

تجلس أعلى الفراش و علامات الإستفسار و التعجُب يغزوان وجهُها ، فكهُ كاد أن يسقط أرضًا ، هو نجح؟.

" أنتِ أمامي حقًا؟ ، أم أنها مُجرد هلاوس؟. "
أنبر مُستفسرًا بإهتزاز ، بدنهُ يرتجف ، و العرق يتصبب منهُ ، لا يُصدق.

" أنا هُنا حقًا ما بالُك؟. " حين نطقت مرةً أُخري جلس أرضًا يبكي ، يشهق بقوة ، دموع الفرحة كانت ، هي أمامهُ الآن حقًا!.

" ريكي إهدأ. " قالت فَـ زاد بُكائهُ.
" إهدأ و إلا سأبكي معكَ!. "

" إشتقتُ لكِ ، بكُل البحث ، و المحاولات الفاشلة ، التخطيطات و البُكاء كُنت أشتاق إليكِ أكثر ، تمنيت أن تنجح محاولاتي فَـ فشلت جميعُها حتى فقدت الأمل ، تلك كانت الأخيرة و أنتِ أخيرًا إستجبتي!. "
أنبر بتقطُع أثر شهقاته الصغيرة فإستقامت بخفة تُحاول أن توازن نفسُها حتى لا تهوى أرضًا ، ذهبت إليه بنجاح و جلست رفقته أرضًا تُحاصر وجههُ بكفاها.

" لا تبكي ، أنا هنا الآن و أنتَ نجحت ، لمَ البُكاء إذًا؟. " أنبرت تُربت على كتفهُ بخفه ، حتى إمتلأت عيناها بالدمع.

" أسفة لفعل هذا بكَ ، و إرتكاب الضجة في داخلك و داخلي ، لا أتذكر مالذي جعلني أغفوا لكنني أسفة لكَ ، كان يجب أن أعود أسرع من ذلك. " أردفت بنبرة مُرتجفة و سُرعان ما عانقتهُ.

" إشتقتُ إليكِ ، ميلا. " أنبر.

حين هدأو جلسا سويًا ، هو يُمشط خُصلاتُها مُتبسمًا و هي تتحدث معهُ في أشياء عشوائية.

شعر بالدفئ يغمرهُ حين عادت ، و كأن الشتاء ذاب و حلَّ محلهُ الربيع ، شعر بروحه تهتدي طريق المنزل ، هي منزله ، أمانه وملاذه ، حُبه و محبوبته ، و كُل ما يملُك.

" هل تسمعني؟. " إستفاق من شروده ينظر لها تلوح بيداها أمام عيناه.

" هل سأُكرر كل الحديث!. " قالت تتصنع الغضب.

" لا يجب عليكِ أن تفعلي ذلك ، أعلم أنكِ تُريدين أن نتنزه سويًا و أن نتسوق و نتبضع بعدة اشياء لكِ. "
قال مما جعلها تتبسم.

إستقام يذهب حيث جلس يبكي ، و أمسك بـ باقة الزهور ، و عاد بها مُعطيًا إياها ، فَـ نظرت لهُ مُستفسرة.

" ما المُناسبة؟. " سألت.

" كُنت سأضعه عند الفراش كإعتذار مُعتقدًا أني فشلت ، لكن الآن أُهديه لكِ بكُل حب ، و هذة الزهور رغم عدم إختلافُها فَـ هي كالحظ بالنسبة لي ، فَـ أنا لم أضعها لمحاولة فشلت ، إنما أُهديها لكِ حُبًا. "

" تُريد جعلي أبكي مرةً أُخرى. " صفعت كتفه بخفة.
" أنا أُحبُكَ حقًا. " عاودت القول تُعانقه بقوة فبادلُها مُتبسمًا بوسع.

" يجب علينا السفر خارج البلدة ميلا. " قال.

" لمَ؟. " إستفسرت عابسة.

" يجب علينا فقط ، لا أمان لنا هُنا ، كما أنكِ كُنت محط إنتباه اليابان من فترة ، فَـ كيف لفاقدة الفؤاد أن تحيا مُجددًا بقلبًا جديد؟. " قال فأطلقت ' أوه. ' صغيرة.

" حسنًا متى سَـ نُسافر؟. " إستفسرت.

" في كُل الأحول ، كُنت سأُسافر بعد غد ، فَـ محاولتي لكِ كانت الأخيرة ، نعم كما تعلمين. "
أنبر يحكُ عنقه بخفة.

" لكن كَـ خطوة أساسية ، يجب أن نُغير من أشكالُنا ، أيضًا نضع لنا أسماء مُستعارة. " قال فأومئت مُتفهمة.

صباح تلك الليلة ، إرتجت البلدة و خافت الأهالي مُجددًا ، حين أستيقظوا على خبر عاجل جديد ، يحمل ضحية جديدة.

في حين هُم تغيروا تمامًا ، فَـ عندما هّلَ الليل كان هو بشعرًا طويل قليلاً أسود اللون ، و وضع في عيناه عدسات لاصقة باللون نفسهُ كما أصبح بإسم چوشوا.

أما عنها فَـ ميدوري الجديدة أصبحت قصيرة الخُصلات باللون البُني ، ترتدي عدسات بلون البُندق بلا نسيان التبرُچ كي نُغير من الملامح بشكلاً أكبر ؛ و الآن بات لا يفصلهم عن الراحه سوى الوقت.

و حين آن الآوان ، و تجهزت الحقائب و إستعدت النفوس ، خرجا من المنزل ، يودعان فيه كُل ما مضى ، كُل دمعةً أزرفوها ، و كُل ضحكةً أطلقوها ، ودعوا الطُرق و المتاجر ، و ألقوا السلام على الوطن قبل المُغادرة ، شعرا في الرحيل بالحنين ، فَـ هُم ودعوا المنزل.

و الآن في هذا الوقت ، في تلك البلد ، و في هذا المنزل سَـ يبنوا فيه ذكرياتًا جديدة ، و مشاعر جديدة ، حُبًا جديد ، و سعادة أبدية.

و في طريقًا ضال ، شغلوا الموسيقى ، و إقترب منها يُحاصر خصرُها بكفاه ، أما عنها فشابكت يداها حول عنقهُ ، أسند جبهتهُ على خاصتُها ، وأخذا يتمايلان سويًا.

يُعيد للذكرى حلاوتُها ، و يصنع أُخرى أحلى و أسعد رفقتُها ، و يروح وسط الأُفق مُمسكًا بيداها يركضُ فقط من يهيمُ فيها عشقًا و غرامًا ، و يستأنف طول الطريق معها لا بدونها.

مهما حاول أن يبحث عن الدفئ ، فَـ لن يجدهُ إلا فيها ، منزلهُ و دفئهُ يكمُنان في شخصًا واحد ، ميلا ، اللتي في عيناه لن تتكرر.

" أُحبُكِ ميلا. "

" أُحبُكَ ريكي. "

كان الشيطان ملاكًا مُشتاق ، يُريد مسكنًا آمن ، وشخصًا يُحب و يتغزل فيه و يكتب لعيناه ألاف القصائد الشعرية ، لم يكُن شيطانًا شغوف إرتكاب الخطأ ، إنما مُشتاق ، و حين ذاب الإشتياق ، عاد ملاكًا مُحب في سلامهُ ، و سلامهُ بجانبهُ يقبع.

_

- سارق القلوب و المشاعر : دي غريبة بس ، سرقة القلوب والمشاعر هنا كأنها حادثة منتشرة ، بحيث لو سرقنا دا ، الشخص بيكون خالي تماما ، مش ميت ، ممكن يتعالج ، بس دا بيخلي الشخص كأنه فقد الحياة ، خالي تمام ومش بيعمل اي حاجه غير انه يتنفس.

وريكي لجأ لده ، ان اختنا ميلا حصلها نفس الموقف ، وكانت اول مرة تحصل حادثة كدا في البلد فا كانوا هيخترعوا بقي فيها العلاج ومنهم اصلا اللي مش لاقي علاج .

اعتقد الفكرة واضحة.

-٣٠٩٨!.

اراء؟.

نشوفكم في وانشوت جديد!!♡

Comment